تكملة لما سبق أن أشرت إليه في المقالة السابقة سأتحدث هنا عن وجهة النظر الاقتصادية في علم النفس.
2- وجهة النظر الاقتصادية: في محاولته تقريب علم النفس من العلوم الدقيقة ابتكر سيغموند فرويد هدا المصطلح للدلالة علي أن الظواهر النفسية يمكن تكميمها (اعطاء صفة كمية لها) والتعامل معها إمبريقيا (العلوم الامبريقية هي العلوم التي تعتمد علي القياس) ،ويعتبر مفهوم النزوة هنا مفهوما محوريا حيث أن جوهر وجهة النظر هده هو إمكانية قياس قوة النزوة ودراسة تحولاتها من حيث الشدة.
2-1 تعريف النزوةla pulsion: كنت قد قلمت باستعمال كلمة نزوة كمرادف لكلمة غريزة في مقالة سابقة إلا إنني قد اشر تالي وجود اختلاف بين المفهومين.
تعرف النزوة بأنها قوة نفسية ذات منشأ جسدي تدفع الإنسان للقيام بعمل معين وهي لا واعية أما إدا أصبحت النزوة واعية فإنها تصبح رغبة.
الرغبة = نزوة وصلت لمستوي الشعور والوعي.
يمكن تعريف النزوة بالإشارة إلي مكوناتها الأربع :
2-1-1 الدفع poussée: أي أنها قوة دافعة نحو موضوع أو سلوك أو موقف معين.
2-1-2 المنبع la source : هو الإثارة التي تولد النزوة .وتحدث علي مستوي جسدي.
2-1-3 الهدف le but: يعتبر هدف النزوة ثابتا ولا يتغير أبدا وهو الإشباع "إشباع الرغبة" ويمكن تعريف الإشباع بأنه إزالة التوتر الحاصل علي مستوي المنبع "الجسد".
2-1-4 الموضوع l'objet: وهو الشيء الذي من خلاله يتحقق الإشباع.
2-2 الفرق بين النزوة والغريزة :
تعتبر الغريزة سلوكا مثبتا وراثيا والأهم من دالك أن لها موضوعا ثابتا لا يتغير أما النزوة فإنها ليست وراثية كما أن موضوعها متقلب وخاضع للاحتمالات، والغريزة موجودة عند الإنسان كما هي عند الحيوان أما النزوة فهي خاصة بالإنسان.
مثال: لنأخذ مثل الأكل عند الإنسان و عند الحيوان حتى يتبين لنا الفرق بين النزوة والغريزة.
عندما يجوع حيوان من أكلات اللحوم مثلا فإنه يبحث عن غدائه بطريقة غريزية فيأكل أي نوع من اللحم المتوفر لديه، أما عند الإنسان فانه حتى في حالة الجوع فانه يرغب في تناول طعام معين دون غيره فتجد مثلا أشخاصا لا يحبون مثلا طبق العدس ويمتنعون عن أكله حتى لو كانوا جياع كما قد يتناولن طعاما معينا حتى لو لم يكونوا جياعا ودالك لمجرد الحصول علي لذة وليس لمجرد إشباع حاجة بيولوجية كتناول المثلجات مثلا فتناول المثلجات نابع من رغبة الإنسان وليس تلبية لحاجة بيولوجية "الجوع".
ادن يمكن باختصار التفريق بين النزوة والغريزة في أمرين :
*الغريزة عملية ميكانيكية مثبتته وراثيا، أما النزوة في عملية نفسية متقلبة من شخص لأخر.
*هدف الغريزة هو إشباع حاجة بيولوجية، آما هدف النزوة فهو لا يقتصر علي إشباع حاجة بيولوجية بل يتعداه إلي الحصول علي اللذة دون أن يعني ذالك أنني الغي هدف إشباع الحاجة البيولوجية في النزوة.
ادن من خلال ما سبق ذكره في هده المقالة المتواضعة يمكن القول أن وجهة النظر الاقتصادية في علم النفس تدرس تقلبات النزوة من حيث شدتها وتحولاتها ومصيرها.
يتبع