هُم عيّنوهُ حارِساً
لماذا، إذن،
يمنعونَهُ من تأديةِ واجِبه ؟
ينظرُ بِحقد إلى لافتة المحَل:
(نفتَحُ ليلاً ونهاراً)
- أمّا أنا.. فلا أسمحُ لأحدٍ باغتصابي.
هكذا يُجمِّلُ غَيْرتَه
الحائطُ الواقف بينَ الباب والنافذة.
لكنَّ الجُرذان تضحك !
فَمُهُ الكسلان
ينفتحُ
وينغَلِق
يعبُّ الهواء وينفُثهُ
لا شُغلَ جديّاً لديه
ماذا يملِكُ غيرَ التثاؤب ؟!
مُعاقٌ
يتحرّكُ بكرسيٍّ كهربائي
بابُ المصعد
هذا الرجُلُ لا يأتي، قَطُّ،
عندما يكونُ صاحِبُ البيتِ موجوداً
هذهِ المرأةُ لا تأتي، أبداً ،
عندما تكونُ رَبَّةُ البيتِ موجودة
يتعجّبُ بابُ الشّارع
بابُ غرفةِ النّوم وَحدَهُ
يعرِفُ السّبب
( مُنتهى الإذلال.
لم يبقَ إلاّ أن تركبَ النّوافِذُ
فوقَ رؤوسنا.)
تتذمّرُ
أبوابُ السّيارات
- أنتَ رأيتَ اللصوصَ، أيُّها الباب،
لماذا لم تُعطِ أوصافَـهُم ؟
- لم يسألني أحد
تجهلُ تماماً
لذّةَ طعمِ الطّباشير
الذي في أيدي الأطفال،
تلكَ الأبوابُ المهووسةُ بالنّظافة !
- أأنتَ متأكدٌ أنهُ هوَ البيت ؟
- أظُن
يتحسّرُ الباب
تظُنّ يا ناكِرَ الودّ ؟
أحقّاً لم تتعرّف على وجهي ؟
وضعوا سعفتينِ على كتفيه
- لم أقُم بأي عملٍ بطولي
كُلُّ ما في الأمر
أنَّ صاحبَ البيتِ عادَ من الحجّ
هل أستحِقُّ لهذا
أن يمنحَني هؤلاءِ الحمقى
رُتبةَ ( لواء ) ؟
ليتسلّلْ الرّضيع
لتتوغّلْ العاصفة
لا مانعَ لديهِ إطلاقاً
مُنفتِح
الجَرسُ الذي ذادَ عنهُ اللّطمات
غزاهُ بالأرق
لا شيءَ بلا ثمن
يقفُ في استقبالِهم
يضعُ يدَهُ في أيديهم
يفتحُ صدرَهُ لهم
يتنحّى جانباً ليدخلوا
ومعَ ذلك،
فإنَّ أحداً منهُم
لم يقُلْ لهُ مرّةً
تعالَ اجلسْ معنا
في انتظار النُزلاء الجُدد
يقفُ مُرتعِداً
علّمتهُ التّجرُبة
أنهم لن يدخلوا
قبل أن يغسِلوا قدميهِ
بدماءِ ضحيّة
( هذا بيتُنـا )
في خاصِرتي، في ذراعي،
في بطني، في رِجلي
دائماً ينخزُني هذا الولدُ
بخطِّهِ الرّكيك
يظُنّني لا أعرف
(الولدُ المؤدَّب
لا يضرِبُ الآخرين.)
هكذا يُعلِّمونهُ دائماً.
أنا لا أفهم
لماذا يَصِفونهُ بقلَّةِ الأدب
إذا هوَ دخلَ عليهم
دون أن يضربَني ؟
- عبرَكِ يدخلُ اللّصوص
أنتِ خائنةٌ أيتها النّافذة
- لستُ خائنةً، أيها الباب،
بل ضعيفة
هذا الّذي مهنتُهُ صَدُّ الرّيح..
بسهولةٍ يجتاحهُ
دبيبُ النّملة !
( إعبروا فوقَ جُثّتي
إرزقوني الشّهادة.)
بصمتٍ
تُنادي المُرين
بواّبةُ القصر
في الأفراح أو في المآتم
دائماً يُصابُ بالغَثيان
ما يبلَعهُ، أوّلَ المساء،
يستفرغُهُ، آخرَ السّهرة
اخترقَتهُ الرّصاصة.
ظلَّ واقفاً بكبرياء
لم ينـزف قطرةَ دَمٍ واحدة.
كُلُّ ما في الأمر أنّهُ مالَ قليلاً
لتخرُجَ جنازةُ صاحب البيت !
قليلٌ من الزّيت بعدَ الشّتاء،
وشيءٌ من الدُّهن بعد الصّيف.
حارسٌ بأرخصِ أجر
نحنُ ضِمادات
لهذه الجروح العميقة
في أجساد المنازل
لولاه..
لفَقدتْ لذّتَها
مُداهماتُ الشُّرطة
هُم يعلمون أنهُ يُعاني من التسوّس،
لكنّ أحداً منهم
لم يُفكّر باصطحابِهِ إلى
طبيب الأسنان