ما كان لي صديق لأخسره. أصدقائي سقطوا من القطار. عندما تغادر
وطنك, توليظهرك لشجرة كانت صديقة,
ولصديق كان عدواً. النجاح كما الفشل, اختبار جيدلمن حولك, للذي سيتقرب منك ليسرق ضوءك, والذي سيعاديك لأن ضوءك كشف عيوبه, والذي حين فشل في أن ينجح, نذر حياته لإثبات عدم شرعية
نجاحك.
لا أصعب على البعض من أن يرى صديقا ينجح. فالنجاح أكبر جريمة
يمكن أنترتكبها في حقه. ولذا قد يغفر للقتلة جرائمهم، لكنه لن يغفر لك نجاحاتك.
وكلما ، بحكم المهنة أو بحكم الجوار ,ازدادت قرابته منك، ازدادت أسباب حقده
عليك، لأنهلا يفهم كيف وأنت مثله في كل شيء ,تنجح حيث أخفق هو.
جارك الذي لعبت وتربيت معه منذ الطفولة، لو غرقت لجازف بحياته لإنقاذك من
الغرق.
لكنك لو نجحت في البكالوريا، ورسب فيها، وستذهب إلى الجامعة ,ويبقى هو
مستندا إلىحائط الإخفاق. وذات يوم ، ستخرج من مسدسه الرصاصة سترديك قتيلا مكفنا بنجاحاتك.
الناستحسدك دائماً على شيء لا
يستحق الحسد, لأن متاعهم هو سقط متاعك. حتى علىالغربة يحسدونك, كأنما التشرد مكسب وعليك أن تدفع ضريبته نقداً وحقداً, وأنا رجل يحب أن يدفع ليخسر صديقاً. يعنيني كثيراً أن
أختبر الناس وأعرفكم أساوي في بورصة نخاستهم
العاطفية. البعض تبدو لك صداقته ثمينة وهو جاهزليتخلى عنك مقابل 500 فرنك يكسبها من مقال يشتمك فيه, وآخر يستدين منكمبلغاً لا يحتاجه وإنما
يغتبط لحرمانك منه, وآخر أصبح عدوك لفرط ما أحسنتإليه " ثمة خدمات كبيرة إلى الحد الذي لا يمكن الرد عليها بغير نكرانالجميل". ولذا لا بد
أن تعذر من تنكر لك, ماذا تستطيع ضد النفس البشرية؟
- وكيف تعيش بدون أصدقاء؟
- لا حاجة لي إليهم.. أصبح
همي العثور على أعداء كبار أكبر بهم. تلك الضفادعالصغيرة التي تنقنق تحت نافذتك وتستدرجك إلى منازلتها في مستنقع, أصغر منأن تكون صالحة للعداوة.
لكنها تشوش عليك وتمنعك من العمل.. وتعكر عليكحياتك. إنه زمن حقير, حتى قامات الأعداء تقزمت, وهذا في حد ذاته مأساةبالنسبة لرجل مثلي
- أنت إذن تعيش وحيداً؟رد
مبتسماً:
- أبداً.. أنا موجود دائماً
لكل من يحتاجني, إني صديق الجميع ولكن لا صديق لي."
الفاجعة .. أن تتخلى الأشياء عنك , لأنك لم تمتلك شجاعة التخلي
عنها . عليك ألا تتفادى خساراتك .
فأنت لا تغتني بأشياء ما لم تفقد أخرى . إنهفنّ تقدير الخسائر التي لابدّ منها . ولذا , أنا كصديقي الذي كان يردد" لا متاع لي سوى خساراتي .
أمّا أرباحي فسقط متاع " , أؤثر الخساراتالكبيرة على المكاسب الصغيرة.
أمام الأسئلة الغبية لا نملك الا الصمت الناس؟ إنهم لا يطرحون
عليك عادة، إلا أسئلة غبية،
يجبرونك على الرد عليها بأجوبة غبية مثلها..يسألونك مثلا ماذا
تعمل.. لا ماذا كنت تريد أن تكون.يسألونك ماذا تملك.. لا ماذا
فقدت.يسألونك عن أخبار المرأة التي تزوجتها.. لا عن أخبار تلك
التي
تحبها.يسألونك ما اسمك.. لا ما إذا كان هذا الاسم
...يناسبك.يسألونك
ما عمرك.. لا كم عشت من هذا العمر.يسألونك أي مدينة تسكن.. لا
أية مدينة تسكنك.يسألونك هل تصلي..
لا يسألونك هل تخاف الله.ولذا تعودت أن
أجيب عن هذه الأسئلة بالصمت. فنحن عندما نصمت نجبر الآخرين على
تدارك خطأهم.
من اجمل كلمات الروائية احلام مستغانمي