أبي
فهشم النافذه الكبيره و دخل ، تلك النافذه المصنوعه من الخشب المتين و الزجاج ، طولها متران و عرضها متر، التي لا يستطيع انسان كسرها إلى بمساعده مطرقه كبيره او فأس، لكنه لم يكن إنساناً
****
كان سعد طفلا ، طفلا يعيش في قريه ريفيه جميله و هادئه ، يعيش في بيت اسرته الدافئ مع امه و ابيه و اخته ، و كان كأي طفل يحب اللعب و الحلويات ، لكنه لم يكن كباقي الاطفال ، أي شخص يراه كان يميز ان لديه حكمه تفوق سنه بمراحل ! ، لقد كان يقرأ ، يقرأ الكثير و الكثير من القصص ، و هذا طبعا كان غير منتشر في قريته ، لم يكن احد يهتم بقراءه أي شيء حتى الجريده ، و لكن حدثت له حادثه جعلته يغير مسار حياته للأبد .......
في يوم من الايام ، عثر على جثه فتاه في العشرينيات و قد ازرقت بشرتها و سحبت كل نقطه من دمها ! طبعا اثارت هذه الحادثه الفزع و الرعب بين اهالي القريه ، و طبعا اثارت فزع الاطفال و خاصه سعد ، فقد كان يقرأ في ليله اكتشاف الجثه قصه عن مصاصي الدماء ، لكن امه قالت له :
- لا تخف ، هذا الكتاب الذي في يدك لن يخرج مصاص الدماء لك ، هذا خيال
و بهذا احس سعد ببعض الامان ، لكن في هذه الليله رجع والده و معه زجاجه ما ، و عندما جلس الاب طلب من ابنه ان يحضر له كوب ، فأحضره له ثم شرع في إفراغ بعض من محتويات الزجاجه في الكوب و بدأ يشرب ، و سعد لم يكن اعمى او مصابا بعمى الالوان لكي لايميز اللون الاحمر ، نعم لقد كان الشراب الذي داخل الزجاجه و شربه والده لونه احمر !! فماذا يعني هذا ؟؟ معناه ان والد سعد مصاص دماء !! هكذا فهم سعد بعدما ربط الاحداث و الوقائع ......
بعد اسبوع تكررت نفس الحادثه لكن مع شاب ليس فتاه ، و ايضا لم يجدوا في جثته نقطه دم !! و في خلال الفتره التي بين الحادثتين ،كان والد سعد يشرب كثيرا من هذا السائل الاحمر ، فاستنتج سعد ان والده يقتل الناس ليصفي دمهم في زجاجات و يشربها ! و بما أن سعد واسع الاطلاع يعرف ان جسم الانسان به حوالي 6 لترات من الدم ، و كميه الدم الذي شربه والده في الاسبوع كانت تقريبا ست لترات لو اعتبرنا ان كل زجاجه بها لتر واحد، و عندما نفذت الكميه قتل ضحيه اخرى ! ، لم يتخيل سعد اباه بهذه البشاعه ، و قال في نفسه : ربما لو لم يجد احدا يقتله ليشرب دمه سيقتل امه او اخته او سيقتله ! لكن سعد لم يصارح احد بما يفكر فيه ....
مر اسبوع اخر لكنهم لم يجدوا جثه ، فحمد سعد الله ، لكنه بعد دقائق من التفكير عرف ان والده لم يجد شخصا ليقتله ، فأكيد سوف يقتل واحدا من الاسره ! و في نفس اللحظه التي كان سعد بها يفكر دخل والده ، كان محمر العينين ، رث الثياب ، منكوش الشعر ، دخل فنظر لسعد نظره كلها غل و حقد ، فأحس سعد لأول مره كم ان والده شرير ، ثم دخل الاب للمطبخ الذي كانت الام به و تعد العشاء ، فدخل سعد خلفه و قلبه يتواثب ، و عندما دخل وجد الاب يصرخ في وجه الام :
- تعالي معي .... هيا .....
فردت الام و الدموع تفر من عينيها :
- ابتعد عني ... انت لست زوجي .... لست من تزوجته .... انت وحش
و على صوت الصراخ دخلت اخت سعد التي تكبره بعشره سنوات و اسمها (إلهام) لترى ما الذي يحدث ، و قالت :
- ماذا يحدث يا ابي
فدفعها الاب دفعه قويه اوقعتها ارضا ، فخرجت بسرعه دامعه العينين ، و كان سعد واقفا ينظر لهذا كله ، ثم في لحظه امسك سعد بالسكين الذي امامه و طعن بها والده !! لكن والده كان قوي ، فخرج بسرعه من المطبخ ثم خرج إلى الشارع و صرخ صرخه مدويه ، لكن عقل و قلب سعد لم يتحملا كل هذا الانفعال ، فأغمي عليه .......
تربى سعد و اخته بعد ذلك في منزل عمهما ، و بعد اربعه سنوات تزوجت (إلهام) و تركت سعد عند عمه ، طبعا كانت في عقل سعد ذاكره ذلك اليوم المشؤوم ، و كلما سأل عن والده كانوا يقولون له :
- لقد رحل للغابه و لن يعود
لكنه كان يسألهم :
- هل مات ابي ؟؟
فيردون و يقولون :
- لا لم يمت
طبعا عندما سمع سعد كلمه لم يمت هذه دب الرعب في قلبه ، إذا فوالده لم يمت و سيبحث عنه لينتقم منه ، او على الاقل سيقتل اخرين ليشرب دمهم ، و في تلك الليله ، نظر سعد للنافذه فرأى والده !! ، لم يصدق سعد ما رأى ، لكن بعد ثوان اختفى والده بسرعه ! إذن فهو يطارده ، يريد قتله !! ما العمل ؟؟
****
كبر سعد ، و اصبح رجلا ، لكن والده كان يطارده في كل مكان !! ، عندما كان يدخل لينام كان يجده امام النافذه ، و عندما يكون في السوق كان يظهر له ثم يختفي ، و في كل مكان كان يأتي له !! معنى هذا فعلا انه لم يمت ، لذا قرر سعد ان يترك الريف و يعيش في العاصمه .
فر سعد إلى العاصمه ، و ذهب لأول مكتب عقاري وجده و طلب ان يأجر فيلا ، بشرط ان تكون في مكان منعزل ، لماذا ؟ لأنه يريد كتابه كتاب عن حياته ، و بعد يومين وجد المكتب طلبه ، و ذهب إلى الفيلا و عاش فيها ، و بعد يومين اتصل بأخته و طلب منها ان ترسل له مبلغ من المال لأنه يريد شراء جهاز كمبيوتر ، فباعت له اخته اسوره من الذهب و ارسلت له النقود ليشتري الكمبيوتر ، و بعد أن اشترى الكمبيوتر بدأ يكتب الكتاب ، و عندما انغمس في الكتابه سمع صوت يناديه :
- سعد ..... سعد
كان المطر ينهمر ، و كانت الساعه هي الثانيه عشر بعد منتصف الليل،و كان هذا الصوت مألوفا له ، إنه صوت والده !! انه يطارده مثلما كان يفعل طوال الاعوام السابقه !! ، لكن سعد لم يعد يخاف ... و بعد لحظات نظر سعد للنافذه الكبيره التي يبلغ طولها مترين و عرضها متر ، كانت كبيره جدا ، و لكنه عندما دقق في النظر وجد ان والده يقف خلف النافذه ، و بعد ان لاحظه هشم الوالد النافذه الكبيره التي لا يستطيع انسان كسرها إلى بمساعده مطرقه كبيره او فأس، لكنه لم يكن إنساناً !! عندما دخل الاب لم يعره سعد أي اهتمام و لم ينظر له ، لكنه قال :
- آآآه يا ابي .. عشرون عاما و انت تطاردني .. عشرون عاما و انت تعذبني
و رفع سعد وجهه ليرى والده ، فزأر الوالد زأره غريبه و مفزعه يشيب لها الولدان ، لكن سعد لم يخف و قال :
- انت لم تعد تخيفني ، انا اعرفك جيدا ، منذ ان اعتبرتك قدري و انت لم تعد تخيفني .. و هذا اليوم انتظرته طويلا .. هل تعرف لماذا ؟ لأنني سؤعذبك كما عذبتني
ثم اخرج سعد مسدسا من جيبه و قال و قد اتسعد عيناه :
- وداعا يا ابي
فرفع والده يده و قال له بصوت صارخ :
- لا......!!
بوم ........
*****
في الصباح اكتشفوا الجثه ، فاستدعوا اخته لتتعرف عليه ، و كان صاحب المكتب العقاري موجودا ، فسأل اخته :
- لماذا برأيك انتحر ؟
فقالت له و هي تبكي :
- طوال عمره كان غريبا ، منذ حادث إنتحار الفتاه في قريتنا التي قطعت معصمها و طعنت نفسها في قلبها و نزفت دمها كله تغير.. كان يقول ان ابي مصاص دماء ، و هو من قتل الفتاه ليشرب دمها ، و الذي عزز هذه الفكره في عقله ، هو ان ابي في يوم الحادث بدأ يعاقر الخمر ، كان الخمر الذي يشربه لون احمر ، ربما نمت الفكره في عقله بهذه الطريقه ، ثم بعد اسبوع قتل شاب اخر نفسه بتفس طريقه الفتاه السابقه ، و اكتشف انها كانت حبيبته فأنتحر مثلها ، و بعد اسبوع اخر افلس ابي و لم يستطع شراء الخمر فدخل على امي في ليله ليصرخ في وجهها و يطلب منها ذهبها ليبيعه و يشتري الخمر ، و في هذا الليله قتل اخي ابي بسكين ، كان عمره ثماني سنوات وقتها ، فأعتبروا انه قتله بالخطأ ، لكنه لم يصدق ان ابي مات و كان يقول انه كان يطارده ، لا ادري حقا ... لا ادري
ثم راحت تبكي ، فهدأها صاحب المكتب ، ثم قال لها :
- عرفت ان هذا الكمبيوتر اشتراه ليكتب كتابا ، هل يمكنني ان اشتري هذا الجهاز لأنني اريد ان اقرأ الكتاب ؟
فردت عليه الاخت :
- مستحيل .. هذا من رائحته
ثم حملت الجهاز و خرجت بسرعه
و بعدما خرجت سأل صاحب المكتب العقاري الشرطه عن الاحوال ، فقال احد الظباط :
- هنالك شيء غريب
فرد عليه صاحب المكتب :
- ما الغريب
- هذه النافذه .. لقد كسرت من الخارج !!
- و ما الغريب في هذا ؟؟ أي مختل عقليا يمكن ان يفعل هذا
- لا هذه النافذه قويه و لا تكسر إلا بمطرقه او فأس و إن حاول إنسان كسرها سيكسر يده او على الاقل سيجرح ، لكن هذا لم نلاحظه على الجثه
- حسنا يمكن ان يكون كسرها بمطرقه او فأس
- لا لم نجد أي مطرقه او فأس ، و لم نجد أي أثر للطرق على النافذه
فرد صاحب المكتب العقاري و قد بدأ يقلق :
- ماذا تقصد
- اقصد ان من كسر هذه النافذه ليس إنساناً !!!
تمت