هذه قصيدة لشاعر جزائري اسمه عبد الله عيسى لحيلح ، تحمل من القوة
الكلامية و الجمالية ،ما يجعلها تصنف في خانة القصائد الخالدات أو قوالوا
عنها تحفة شعرية ، و هي عبارة عن معارضة قام بها الشاعر لاحدى أشهر
المعلقات العربية ،وهي المذهبة معلقة عنترة بن شداد ،ومن منا لم يسمع بالمذهبة أكيد ستسألون الآن :
من هذا الذي عارض عنترة بفخامته و جلالة أسلوبه ؟
و هو جزائري؟ ... الدنيا لا تزال بخير
و في هذه البلاد حمم لم تقذفها البراكين بعد
إليكم القصيدة
العــنترية
هَلْ غَـادَرَ الشُّــعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدِّمِ "؟ أَعِـدِ السُّؤَالَ ..
كَأَنَّـنِي لَمْ أَفْهَمِ
هَلْ غَـادَرَ الشُّــعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدِّمِ "؟ أَعِـدِ السُّؤَالَ
عَلــيَّ دُونَ تَلَعْثُمِ
أَعِـدِ السُّـؤَالَ "أَبَا المُغَـلِّسِ" إِنَّـنِي مِنْ مِحـْنَتِي
مِـثْلَ الأَّصَـمِّ الأَبْكَمِ
أُنْبِيكَ أَنَّ الشِّـعْرَ صَــوَّحَ رَوْضَهُ الـــــقُدْسِي ، وَ
الشُّــعَرَاءُ مَحْضُ تَوَهُّمِ
وَلََّـى اليَسَـارُ مَعَ "اليَسَارِ" فَأَيْسَـرُوا جِهَـةَ اليَـمِينِ
وَرَاءَ رَنَّــةِ دِرْهَمِ
يَتَــقَيَّؤُونَ ـ حَاشَاكَ ـ شِعْرًا غَائِمًا "مُــرٌّ مَــذَاقَـتُهُ
كَـطَعْمِ العَلْقَمِ
بِاسْمِ الحَــدَاثَةِ هَـدَّمُوا وَ تَـهَدَّمُوا وَ تَبَـخَّرُوا وَسَـطَ
الْكَلاَمِ الْمُـعْتَمِ
وَ تَـوَقَّحُوا بِاسْمِ الحَدَاثَةِ ..وَيْحَــهُمْ لَمْ يَبْقَ شَـيْءٌ
عِنْـدَهُمْ بِمُــحَرَّمِ
يَتَنَـاقَدُونَ .. وَ مَا حَقِيقَــةُ نَـقْدِهِمْ إِلاَّ كَـمَا
يُـثْنِـي العَمِيُّ عَلَى العَمِيْ
وَ الإِنْتِمَــاءُ بِلاَ انْــتِمَاءٍ وَاضِـحٍ وَ الشِّعْرُ ـ جَلَّ
الشِّعْرُ ـ لَعْقٌ بِالفَمِ
وَ الفَحْلُ عِــنِّينٌ يَنُبُّ مُـــشَاغِبًا وَ فَصِيحُهُمْ يَهْـذِي
"كَأَعْجَمَ طَمْطَمِ"
إِمَّا تَــرَاهُ .. تَــرَاهُ يَسْحَبُ ظِـلَّهُ مُـتَثَـاقِلاً ..
مُـتَمَـايِلاً كَـمُنَوَّمِ .
كَالدُّونْكِشُوتَ .. وَ سَـــيْفُهُ أَوْهَامُهُ يَخْشَى الوَغَى ،وَ
يَـعُفُّ عِـنْدَ المَغْرَمِ
أَهْدَى القِيَانَ قَصِيدَةً ، وَ الشَّـعْبُ يَمْــــــضَغُ جُـوعَهُ فِـي
حَـسْرَةٍ وَ تَأَلُّمِ
وَ أَعَـادَ هَـيْكَلَةَ انْتِمَـاءٍ زَائِـــفٍ وِفْقَ اتْجَــاهٍ سَائِلٍ
وَ مُــــعَوَّمِ
أََوَ بَعْـدَ ذَا سَتَظَلُّ حَـائِـــــرًا : "هَلْ غَادَرَ الشُّـعَرَاءُ
مِـنْ مُـتَرَدِّمِ"
مَــا ضَـرَّ وَجْـهُكَ أَنَّ لَوْنَكَ أَسْـوَدٌ وَ الطَّـعْنُ أَبْيَضٌ ،
وَ اللِّسَانُ كَمِخْدَمِ
وَ السَّـيْفُ أَنْصَعُ مِنْ ضُحَى مِلْءَ اليَمِيـــــنِ يُرَتِّــلُ
الـثَّارَاتِ دُونَ تَلَعْثُمِ ..
وَ يَرُدُّ عَنْ بِيـضِ الوُجُـوهِ الضَّـارِعِيـــــنَ وَ قَدْ أُذِلُّوا
:"وَيْكَ عَــنْتَرَ أَقْدِمِ"
قَـدْ كَانَ أَوْلَـى أَنْ تَقُولَ شَمَــاتَةً: ـ لاَ لَسْتُ أُحْسِنُ
غَيْرَ رَعْـيِ الأَنْعُمِ
لاَ شَـأْنَ لِـي بِالـطَّعْنِ أَوْ رَدِّ الـعِدَا .. لاَ شَأْنَ لِـي
بِالفَـارِسِ المُسْتَلْئِمِ ..
لاَ شَـأْنَ لِـي .. يَا أَيّـُهَا البِيضُ الكِرَا مُ تَـقَدَّمُوا ..
أَنَا لَـسْتُ بِالمُــتَقَدِّمِ
لَكِــنَّ آفَـةَ كُـلَّ حُــرٍّ أَنَّــهُ لاَ تَـسْتَقِيمُ لَـهُ
الشَّمَاتَـةُ بِالفَـمِ
إِيهٍ عَلَيْكَ ـ أَبَا المُغَـلِّسِ ـ لَـوْ تَرَى زَمَـنًا تَسَرْبَـلَ
بِالفَـجَائِعِ وَ الدَّمِ
مَا دَارُ "عَـبْلَةَ" .. مَا "الجَوَاءُ" ، وَ هَاهُنَا وََطَنٌ يَــجُوزُ
بِـهِ الوُقُوفُ كَأَرْسُمِ
وَطَـنٌ ـ تَدَارَكَـهُ الإِلَـهُ بِرَحْمَةٍ ـ " لاَ يَـشْتَكِي
الطَّعَنَاتِ غَيْرَ تَحَمْحُمِ"
أَشْـلَى عَـلَيْهِ الحَـــاقِدُونَ كِلاَبَهُمْ "سُودًا كَخَـافِيَةِ
الغُـرَابِ الأَسْحَمِ"
فَــتَعَاوَرُوهُ بِمِخْلَبِ قَــــرِمٍ وَ نَا بٍ أَحْــمَرٍ أَلِـفَ
الـدِّمَاءَ مُسَمَّمِ
فَتَفَتَّحَتْ أَزْهَــارُ جُرْحِهِ كَالشُّــرُو قِ إِذَا تَـبَسَّمَ
خَلْفَ لَـيْلٍ مُـظْلِمِ
وَطَــنِي الَّذِي قَدْ أَسْـرَجَتْ أَمْجَادُهُ ظَهْرَ الـزَّمَانِ وَ
رَائِعَــاتِ الأَنْجُمِ
وَ تُـرَابُهُ الشُّــهَدَاءُ .. هَلْ وَطَنٌ سِوَا هُ مِـنْ رُفَاتِ
الثَّائِـرِينَ وَ أَعْــظُمِ
وَطَنِي .. وَ كَمْ أَخْـفَيْتُ عَنْكَ مَوَاجِعِي زَمَنًا ، وَ كَمْ
أَخْفَى دُمُـوعِي مَبْسَمِي
وَ كَمِ احْتَرَقْتُ وَ أَنْتَ تَنْعَمُ فِي الظـِّلاَ لِ وَ فِي الغِلاَلِ
وَ فِـي النَّعِـيمِ المُبْهَمِ
وَ صَبَرْتُ وَ الغَصَّاتُ تَنْــخُرُ مِفْصَلِي وَ البُؤْسُ يَرْقُصُ
ضَاحِكًا فِي مَأْتَـمِي
وَطَنِي وَ أَنْتَ تَعُبُّ مِنْ نَفْـطِ الصَّـحَا رَى لاَهِـيًا عَنْ
عِــلَّتِي وَ تَأَلُّـمِي
وَ نَسَيْتُ أَنِّـي صَـابِرٌ وَ مُصَـــابِرٌ "سَمْحٌ مُخَــالَقَتِي
إِذَا لَمْ أُظْـلَمِ"
وَطَنـِي وَ لََــــمَّا رَأَيْتُكَ سَـادِرًا أَقْفَلْتَ سَمْعَكَ دُونَ
رَأْيِــي الْمُحْكَمِ
قَطَعْتُ شِرْيَــانِي عَلَى كُــرْهٍ لِتَفْــــــهَمَ عِلـَّتِي ، وَ
فَتَـحْتُ شَلاَّلَ الدَّمِ
فَتَحَطَّمَ القَيْـــدُ الَّذِي كَابَــدْتُهُ وَ تَفَــجَّرَ الصَّبْرُ
الَّــذِي لَمْ يُفْهَمِ
هَــذِي جِرَاحِي فَـتَّحَتْ أَفْــوَافَهَا فَتَـــفَرَّجِي يَا أُمَّـنَا
وَ تَأَلَّــمِي
أَوْ زَغْـرِدِي .. أَوْ عَـِّدِي .. أَوْ نَدِّدِي وَ تَوَعَّدِي ، وَ
إِنْ جُنِنْتِ تَبَسَّــمِي
شَـرُّ البَلِــيَّةِ مَا يُدَغْـدِغُ مَـبْسَمًا يَا وَيْـحَ أُمٍّ
دَمْـعُهَا فِـي الْـمَبْسَمِ
قَـدْ أَتْـأَمَتْ بِقَـتِيلِ وَعْـدٍ رَائِــعٍ وَ بِقَاتِـلِ .. يَا
لَـيْتَهَا لَمْ تُــتْئـَمِ
حُــيِّيْتَ مِنْ وَطَـنٍ تَــقَادَمَ عَهْدُهُ قَدْ كَانَ لِلْأَمْــجَادِ
مِثْلَ التَّــوْأَمِ
نَارُ الطَّهَــارَةِ فَـتَّحَتْ أَكْمَــامَهَا فِيهِ ، فَفَكَّ
الْقَيْــدَ كُلُّ مُكَــمَّمِ
مِـنْ كُلِّ جُـرْحٍ سَوْفَ يَمْرُقُ كَوْكَبٌ يَهْدِي بِـلاَدِي
لِلطَّرِيقِ الأَقْـــوَمِ
لَمْ يَحْـلُ بَعْـدَ اللهِ ثُـمَّ مُـــحَمَّدٍ إِسْمٌ سِوَى إِسْمُ "
الْجَزَائِر" فِي فَـمِي
قَـدْ كُنْتَ يَا وَطَـنِي وَ مَا يَأْتِيـكَ مَنْ يَأْتِيكَ إِلاَّ فِـي
ثِيَابِ الْـــمُحْرِمِ
فَهُـنَا طَـوَافُ الثَّـائِرِينَ ،وَ هَا هُنَــا رُكْنُ الإِبَـاءِ ..
هُنَا رَوَائِـحُ "زَمْـزَمِ"
فِـي كُلِّ شِـبْرٍ مِـنْ بِـلاَدِي بَـصْمَةٌ لِلْــحُزْنِ
فَالــصَّمَّانِ فَالْـمُتَـثَلِّمِ
فِـي كُلِّ دَارٍ "عَـبْلَـةٌ" مَـفْجُوعَـةٌ بِـأَبٍ وَ إِخْــوَانٍ وَ
زَوْجٍ أَوْ عَـمِ
مَا "عَبْلَةٌ" ـ لَـوْ زَانَـهَا نُورُ الهُدَى ـ إِلاَّ حَــرَائِرُ
مَـوْطِنِي فِـي مَـوْسِمِ
هُنَّ الْمَـــرَايَا لِلْـجَمَالِ وَ لِلْعَفَــا فِ وَ لِلتُّقَى .. وَ
أَكْـرِمْ بِـهِنَّ وَ أََنْعِمِ
إِنِّــي لَأَشْهَــدُ أَنَّـهُنَّ الــوَالِدَا تُ وَ إِنَّمَا
اسْتَـــرْضَعْنَ "أُمَّ القَشْعَمِ"
كَيْفَ الْمَزَارُ ؟ .. وَ مَا مَـزَارُ مُحَارِبٍ "لاَ مُمْعِنٍ هَـرَبًا
وَ لاَ مُـــسْتَسْلِمِ"
أُنْبِئْتُ أَنَّ "عُنَيْــزَتَيْنِ" مُـــحَاصَرٌ وَ الْجَيْشُ يَرْصُـدُ
مَـقْدَمِي فِي "الغَيْلَمِ"
وَ يَلُــومُنِي أَنِّي أُكَـابِرُ مُــعَشَّرٌ .. يَا رَبِّ لاَ قَـرَّتْ
عُــيُونُ اللُّـــوَّمِ
سَـأَظَلُّ أَنْحَتُ بِالأَظَافِـرِ مِــحْنَتِي وَ أَفُـضُّ أَغْـلاَقَ
الْمَـآسِي عَنْ فَمِي
حَـــتَّى أَصِيـحَ بِسَـادِرِينَ وَ تَائِهِيــــنَ وَ مُدْلِجِينَ وَرَا
السَّــرَابِ وَ نُوَّمِ..
هُــبُّوا .. فَـهَا نُـورُ النُّـبُوَّةِ دَافِقٌ يَهْدِي الغُــوَاةَ
إِلَى الْمَـصِيرِ الأَسْلَمِ
خَيْلُ الفُتُوحِ أَكَــادُ أَسْـمَعُ ضَبْحَهَا وَ صَهِيلَهَا مِثْلَ
البِشَــارَةَ فِي دَمِــي
أَنَـا لَـسْتُ بِدْعًـا مِنْ كُـوَامٍ قُتِّلُوا "لَيْـسَ الْـكَرِيمُ
عَلَى الـقَنَا بِمُحَرَّمِ"
لَكِنَّ لِـي فِي "آلِ أَحْـمَدَ" أُسْــوَةً مِنْهُــمْ قَـبَسْتُ
شَهَامَتِي وَ تَكَرُّمِي
نَـبَتَتْ سُيُــوفُ الْحَقِّ فِي قَبَضَاتِهِمْ مِثْلَ الأَصَـابِعِ
أَعْرَقَتْ فِي الـمِعْصَمِ
وَ لَقَـدْ ذَكَـرْتُكَ وَ القَـذَائِفُ حَوْلَنَا أَوْ فَـوْقَنَا مِثْلَ
انْــدِفَاقِ جَهَـنَّمِ
وَ الطَّــائِرَاتُ تَفُحُّ فُضْلَةَ سُــؤْرِهَا نَارًا تَلَــظَّى
مِـثْلَ لَـوْنِ الـعَنْدَمِ
وَ "الهَـَاوْنُ" يُرْعِشُ فَوْقَنَا سُحُبَ الفَضَا "غَــرِدًا كَـفِعْلِ
الـشَّارِبِ المُتَرَنِّمِ"
وَ الزَّاحِفُونَ يُحَاصِرُونَ فَيَرْجُـفُ الصَّـــــبْرُ المُرَاغِمُ فِي
الضُّلُوعِ وَ فِي الـدَّمِ
وَ يَكَاُد يَجْهَشُ بِالبُــكَاءِ وَ يَقُولُ لِي : ـ ضَاقَ الفَضَا..يَا
صَاحِبِي فَاسْتَسْلِمِ ..
فَـأَهُــزُّهُ وَيْـلُمِّهِ .. أَوَ مَـا تَــرَا هُــمْ يَـقْتَفُونَ
وَرَاءَنَا عَبَقَ الـدَّمِ
مَـا أَنْـتَ أَوَّلُ مَنْ يُـزَغْرِدُ فَــوْقَهُ سِـرْبُ الــرَّصَاصِ
بِلاَ لِسَانٍ أَوْ فَمِ
أَيْنَ الرِّمَاحُ ـ أَبَا الْـمُغَلِّسِ ـ مِنْ قَـنَا بِلَ هَا هُـنَا
بَيْنَ الأَصَــابِعِ تَرْتَـمِي
وَ تَـكَادُ تَـلْعَقُ كِـبْرِيَاءَ جِـــبَاهِنَا فَـنَنُشُّهَا مِـثْلَ
الـذُّبَابِ المَـوْسِمِي
أََيْنَ الشَّــبِيهُ أَبَا المُغَلِّسِ ـ هَا هُــنَا: فِي خَـدِّهَا ؟ ..
أَمْ ثَـغْرِهَا الْمُتَبَسِّمِ ؟
أَيْنَ التَّشَــابُهُ بَيْنَ طَـلْقَةِ مِـــدَفَعٍ وَ "مُـنَوَّرٍ
عَـذْبٍ لَـذِيذِ الْمَطْعَمِ" ؟
كُلُّ الشُّــهُورِ ـ وَ لاَ أَعُدُّ نُفَمْبَرَا ـ يَـا أَيُّـهَا
العَـبْسَيُّ ضَـرَّجَهَا دَمِـي
نَحْنُ الأُلَـى مَا صِيحَ فِـي سَمْعِ الدُّنَـى : ـ يَا غَـارَةَ اللهِ
ارْكَـبِي وَ تَقَـدَّمِي
لاَ نَـحْتَمِي مِنْ طَـعْنَةٍ إِلاَّ بِشَهْقَةِ طَلْقَــــةٍ ، وَ
بِغَـــيْرِهَا لاَ نَحْــــْتَمِي
مَـا عَـزَّ مَنْ حَـقَدَتْ عَلَيْهِ صُـدُورُنَا حَــتَّى وَ لَوْ نَالَ
السَّمَـاءَ بِــسُلَّمِ