أولا ينبغي علينا تعريف مصطلح الحرب........
هو كل قتال عنيف بين طرفين أو أكثر أي هي الاقتتال بمواجهة مباشرة باستخدام كافة الأسلحة والطرائق المختلفة للفوز بالحرب وتكون مساراتها وأهدافها مختلفة باختلاف مصالحها وتوجهاتها لكن اغلب الناس يعرفون بنوعين من الحروب حرب ساخنة ونظيرتها الباردة..... عليها يصنفونها لحروب اقتصادية وأخرى عرقية........... لكن في الحقيقة هناك عدة أنواع من الحروب تتمثل في:
• الحرب العادلة(just war): هي الحرب المستندة إلى سبب مشروع كالدفاع عن حق مسلوب أو عن النفس في حالة هجوم أو تنفيذ قرار صادر عن المنظمة الدولية.........
وأكثر الشعوب استخداما لهذا النوع من الحروب هم الشيوعيون حيث كان أول مستخدم لها هو الرئيس السوفياتي نيكيتا خرتشوف في ستينات القرن الماضي (1961) عند تقسيمه لأصناف الحروب:
- حروب ثورية بين البرجوازية والبروليتاريا.
- حروب تحريرية.
- حروب إقليمية.
- حروب بين الدول الاستعمارية.
- حروب بين المعسكرين الشرقي الشيوعي والغربي الليبرالي.
- لكنه استثنى مع ماو تسي تونغ الاثنين الأولين (حروب ثورية وحروب تحريرية) واعتبراهما حربين عادلتين..........
والحرب العادلة تكون تقدمية في الأهداف حسب تسانيسلاف بودين........... ومن أمثلة هذه الحروب حرب فرنسا على الجزائر وحرب المملكة المغربية على الصحراء الغربية.
• الحرب غير العادلة (injust war): حرب ضارية تكون بين قوتين غير متعادلتين في ميزان القوى أي بين قوى كبرى أو بين قوى صغرى أو بين القوتين.
ومن أمثلة هذا النوع من الحروب حرب الفيتنام على كمبوديا.
• الحرب الساخنة(hot war): هي حرب منطوية على قتال فعلي عنيف ومباشر تكون أضراره كبيرة وخطيرة......... كحرب السبع سنوات.
• الحرب الباردة(cold war): نزاع ايديولوجي بالدرجة الاولى تتم فيه المنافسة بين قوتين متوازيتين في القوى العسكرية والاقتصادية والسياسية ويتم التواجه على كل المستويات والجبهات الا المواجهة العسكرية كالنزاع السوفياتي الأمريكي.
• الحرب المحدودة(): حرب تثور بين القوى النووية والتي تمتنع كل أطرافها عن استعمال أسلحة الدمار الشامل أو مهاجمة المراكز السكانية للدولة الخصم, وهي بذلك الحروب التي تنشأ بين الدول الصغيرة دون تدخل القوى الكبرى أو تتدخل دون استعمال الأسلحة النووية في نطاق جغرافي محدود..........
وكذلك يراها أندريه بوفر الجنرال الفرنسي بأنها الحرب النووية التي تجري في أهداف عسكرية محدودة.........
وهناك من يرى أنها الإجراءات العسكرية التي تنف>ها دولة نووية ضد دولة صغيرة دون تدخل القوى الكبرى.
ومن بين الأمثلة المطروحة هناك الحرب الباكستانية الهندية حول البنغلاديش سنة 1971.
• الحرب الوقائية (المانعة) (preventivewars): هي حروب نووية هجومية تمثل نوع آخر من النظريات الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية ما بين 1945-1949 وتعني تدمير قوة العدو بالضربة الأولى النووية دون اشتراط كونه مسبوقا باستفزاز من الخصم, وأسبابها:
- صد الهجوم الشيوعي.
- تدمير قوة الخصم قبل اكتمال نموها في كامل أبعادها.
- تجريد الاتحاد السوفياتي من أسلحته.
- منع كارثة وقوع حرب عالمية ثالثة.
- تحقيق التفوق التكنولوجي الغربي.
فشل هذا النوع من الحروب للأسباب التالية:
- عدم وجود مبررات أخلاقية.
- يؤدي لعزلة الولايات المتحدة الأمريكية عن العالم لاستباقها الكارثة.
- تسارع نمو الاتحاد السوفياتي وتنويع وسائل الردع لديه.
• حرب الإحباط(pre-emptive wars): هي الاستعداد لحرب وشيكة ومباغتة العدو عند هجومه وإحباط العملية... أي عنصر الوقت مهم والجانب الأخلاقي يوافق هذه النظرية بسبب عدم الاعتداء........ لكن مشكلة هذه الحرب هي عدم القدرة على تفسير نوايا الطرف الآخر لاحتمال وجود أخطاء بأجهزة الإنذار وهنا بمكن للخصم التستر على تجهيزاته بحجة التضليل الكاذب فتكون الدولة المستعدة للإحباط بمثابة المعتدي والمجرم وهناك مشكلة إيجاد الصواريخ المخبأة في صوامع متناثرة قد تطلق فجأة وبطريقة لا تتيح وقتا كافيا للإنذار مما جعلها لدى الخبراء حربا متعذرة التطبيق.
• الحرب غير النظامية (حرب العصابات) (guerrila warfare): هي استخدام القوة بطريقة غير مباشرة وغير نظامية لكونها البديل الأكثر فعالية باعتباره يؤثر في نفسية المدنيين والطرف الخصم والإلقاء بكل الثقل من جانب الممارس وتضليل العدو وإيقاعه بتناقضات وإهدار وقته وقواه وإمكانياته وتأخذ الحرب غير النظامية العوامل العرقية والدينية على محمل الجد لاستعمالها كوسيلة توعية على غرار ما استخدمه غيفارا وماوتسي تونغ وجياب في حرب الهند الصينية عام 1954.
• الحرب النظامية(): هي الحرب التي تكون فيها الجيوش متقابلة ومنظمة تعتمد الهجوم المباشر وهي تعتبر فاشلة أمام الحرب غير النظامية باعتبارها مدربة على الأماكن المفتوحة ووسائلها غير مجهزة لاقتحام الجبال على عكس حروب العصابات التي تعتمد على المناطق المخفية والشعاب الوعرة والجبال ومثال على هذا النوع من الحروب الحرب الروسية الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية..
• حروب الاستنزاف(war of attrition): هي حروب عنيفة تبنى على الاستهلاك التدريجي لقوة الخصم لإرهاقه والنيل من معنوياته وإضعاف مقدرته على الرد والمقاومة وقد يتسع نطاقها لتشمل كل تراب الدولة وقد يقتصر على بعض القطاعات الإستراتيجية كالقوات والأسلحة والصناعات المدنية والعسكرية لكونها تعد العمود الفقري لها.......... ولها عدة مبادئ:
- الاستفادة الكاملة من المناطق التي تجري عليها الحرب.
- التمييز بين القطاعات الإستراتيجية لتفادي تدميرها لان القتال على ارض مدمرة هدر للمال وللوقت وللقوة.
- الحفاظ على وضوح الرؤية السياسية لتسهيل الهدف النهائي لها فالحرب لا يجب أن تتوقف حتى لا تتيح للخصم فرصة استعادة قوته فإذا كامل بأن الظروف أصبحت مهيأة تماما لتوجيه ضربة أخيرة حاسمة فلا يجب أن تتردد.
- ضرورة العوامل النفسية المقترنة بالتطبيق الفعال لإستراتيجية حرب الاستنزاف وهو ما يفسر تقهقر قوى كبرى أمام قوى صغرى خاصة بوجود وسائل الدعاية السياسية الماهرة.
- التضاريس الوعرة لا تساعد على إدارة مواجهات عسكرية في نطاق مبادئ الحرب النظامية التقليدية (تواجه الجيوش الكبيرة في منطقة غير مكشوفة), فتحول الأسلوب إلى حرب العصابات كبديل واقعي مثالي.
- امتلاء المنطقة بكل أسباب التوتر الاجتماعي والطبقي يجعل من إمكانية النفاذ إلى شعوبها بالإقناع والترهيب أمرا سهلا.
- التحرك داخل مناخ صراعي يساعد تماما على وضع مبادئ حروب الاستنزاف لاستقطاب القوى والفئات التي تناصب الأنظمة الحاكمة العداء وتحبذ الإطاحة بها.
وقد عرف الشيوعيون كذلك في هذا المجال ببراعة تطبيقهم لهذه الحرب دون سواهم من الأمم, حيث أحرزوا نتائج جيدة محليا وعالميا خصوصا في إقليم جنوب شرقي آسيا وفي الفيتنام بالذات لكونها منطقة جيوبوليتيكية نموذجية لتطبيق حرب الاستنزاف.
• الحرب الاستراتيجية (stratigic wars): هي حرب المواجهة غير المباشرة مع الخصم أي تفادي الدخول في احتكاك حاسم مع العدو مباشرة انتظار الظروف الأكثر ملاءمة بحيث يتم تحقيق التفوق الكامل عليه بدرجة الإجهاز عليه وتدميره.
وبالتالي يعتمد على توريط الخصم في معارك جانبية تستنزف موارده وترهق معنوياته وتنال من صلابته وتماسكه وتضعف إمكاناته وقدراته في المعارك الحاسمة والرئيسية.
والبداية التاريخية لهذه الحروب كانت مع السوفيات الذين انتهجوها على نطاق دولي لتثبيت الحكم الشيوعي بعد الثورة البلشفية ومجابهة ضغوط حصار الدول الرأسمالية.
أهداف هذه الحرب:
- تفادي التورط في مجابهات مباشرة ضد خصوم نظام يشكل قاعدة أساسية.
- تجنب الانزلاقات لمجابهات عسكرية لا يكون مستعدا لها.
- العمل على تأزيم العلاقات داخل المعسكر الليبرالي وتقسيمه لمجموعات متناحرة.
والحرب الأهلية الاسبانية من أمثلة هذا النوع من الحروب.
• حروب الإفناء أو الإبادة (wars of anihilation): هي إلقاء دولة بكل ثقلها المتاح على لديها من قوتها التأثيرية الضاربة ضد خصمها وفي أعنف حالاتها تكون في أثناء استخدام الأسلحة النووية بحيث تكون المدة الزمنية لعمليات الإبادة محدودة للغاية.
ومن أمثلة ذلك حرب الولايات المتحدة الأمريكية على اليابان لإنهاء الحرب العالمية الثانية بقنبلتي هيروشيما وناكازاكي في ظرف سويعات إن لم تكن دقائق.
• الحرب الشاملة (total war): هي حروب عنيفة واسعة مع مدة زمنية كبيرة, أي هي من الحروب التقليدية ذات المواجهة المباشرة مع الخصم تتميز باتساع رقعتها وتعدد أهدافها وتبيح للمتحاربين العبث بالقواعد القانونية.
ومن أمثلة ذلك الحربين العالميتين الأولى والثانية.
• حرب الأعصاب أو التهديدات (war of nerves): تلجأ إليها الدول المتحاربة لمحاولة التأثير على معنويات العدو ببث روح الانهزامية وتثبيط عزائم الجيش والشعب باستخدام إذاعات كاذبة وتصريحات خطيرة والتهديد باستعمال أسلحة الدمار الشامل كالقنبلة الذرية وغيرها.
والأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران مثال عن ذلك.
• الحرب الجرثومية (bacteriolgical war): حرب خطيرة تستعمل فيها القنابل الجرثومية.
• الحرب النفسية أو الدعائية (psychological war/ war of propaganda): هي حرب خطيرة بدون سلاح عسكري بل بسلاح إعلامي اتصالي ترجع بدايته إلى الحرب العالمية الأولى حيث توسع الحلفاء في تطبيق أشكال التأثير الدعائي الموجه ضد خصومهم وألقوا بكل ثقلهم من الخبرة والتخطيط والدهاء السياسي مما كان له أثر في وصول دول الوسط الأوربي إلى حالة من الإرهاق النفسي والمساعدة على اجتذاب تأييد الكثير من الأطراف المحايدة لموقف الحلفاء كإعلان مبادئ ولسن الأربعة عشر والتي أعطت الأمل في إيجاد عصر من السلام والعدل وفي الحرب العالمية الثانية تطورت الحرب النفسية الدعائية خصوصا في ألمانيا إبان الحكم النازي فأصبح بفضل نتائجه الباهرة نموذجا يحتذى به في كامل دول أوربا والعالم وقد انبنى على عدد من المبادئ التالية:
- التخطيط لتصرف الدولة يكون قائما على تحليل لآثاره ونتائجه, أي اجراء تقييم شامل لما يمكن أن يعود به على الدولة من مزايا دعائية تخدم الدولة النازية.
- هدف الدعاية التأثير على الخصم وسلوكه فالمفكر جوبلز يعتبر الدعاية ذراع الحرب.
- استخدام العبارات المميزة والشعارات المعنوية اللاذعة والمعادية.
• الحرب الأهلية (civil war): أكثر أشكال الحرب شيوعا في المجتمع الدولي الراهن وهنا يقول المحلل السياسي "سيريل بلاك" أنه وبسبب التدمير غير المحتمل للحروب الدولية تحولت القوى العظمى إلى الثورات الداخلية تتدخل فيها وتتلاعب بها طبقا لما تفرضه عليها اعتبارات القوة وضغوطها فحلت الثورة محل الحرب وأصبحت توازنات القوى بين الأطراف المتصارعة على الصعيد الدولي مرتبطة بنتائج هذه الحرب من تعدد الولاءات, ضغوط تحديث المجتمع, رغبة بعض الأطراف في استثارة القوى العظمى, الظروف الاجتماعية, التعدد العرقي والإثني...
أما بالنسبة للتدخل الخارجي فقد تبقي الأطراف الخارجية نفسها أحيانا بعيدة عن الحرب فقط لتراقب وتنظر دون تدخل للأسباب التالية:
- عدم وجود قيمة استراتيجية للتدخل.
- دخول طرف خارجي لمساعدة طرف داخلي يدفع بطرف خارجي آخر لدعم الطرف الداخلي المناوئ.
- الخسائر أكبر من الاستفادات والنتائج غالبا ما تكون مؤقتة وغير مضمونة وتتعلق بمجتمعات غير مستقرة.
- التدخل يصبح أمرا مشكوكا فيه إذا تم بطريقة مباشرة وقد يؤدي في النهاية إلى انفجار الوضع وتأزمه بدل انفراجه.
• الحرب الاقتصادية / السياسية (economic/ politic war): تقابلان الحرب النفسية وهناك من يعتبرها جزءا منها, حيث يرى "روبرت ألن" أنها محاولة مدبرة لتقوية مركز الدول النسبي من النواحي الاقتصادية السياسية والعسكرية عن طريق العلاقات الخارجية, أي تخريب الاقتصاد القومي وتدمير النظام السياسي لدولة معينة ما يسبب عدم الاستقرار الداخلي والذي يتيح بدوره التحكم في سياسة واقتصاد الدولة من الأطراف الخارجية.
• الحرب بطريق الخطأ (accidental war): حرب قد تكون عنيفة أو أقل عنفا لكنها تكون خطيرة بسبب نتائجها في العلاقات الدولية وتتمثل أسبابها في:
- زيف المعلومات.
- تصرف فردي غير مسموح به.
- أخطاء فنية في الأسلحة.
لكن هناك انتقادات وجهت لهذا النوع من الحروب وهي:
- حرب خاطئة قد تحدث كارثة نووية.
- حرب خاطئة قد تقود لخطأ فني آخر.
- حرب الخطأ قد تغير موازين القوى والتحالفات.
• حرب سوء التقدير (war by miscalculation): هي حرب متعمدة تقوم للأسباب التالية:
- تصعيد عملية العنف دون علم الدولة.
- الثقة الزائدة في النفس.
- الإصرار على موقف خاطئ.
• حرب التوريط (catalytic war): تنتج من تدخل طرف ثالث نتيجة يأسه أو طموحه فيدخل دولة تكون عدوهما معا على أن يقتتلا بعيدا عن عنه.
وهناك حروب أخرى عديدة كالحروب الخاطفة أو الفجائية أو الصاعقة (lighting /rush/ blitzkrieg wars), التي تستعمل فيها الأشعة كالليزر وتكون فجائية وسريعة, وهناك الحرب القانونية والمشروعة (ligitimacy/ legal wars) التي تمتثل للقانون الدولي العام وهناك الحروب المقدسة أو الدينية أو الجهادية (holly wars) التي تكون أهدافها الدين, كما أن هناك حروب الكترونية (electronic wars)تحتكم للتكنولوجيا وهناك حروب غير قانونية وغير مشروعة (illegitimate/ illegal) كالاعتداء والغزو وهناك حرب المدن (town wars) المعتمدة على القواعد المدنية, وهناك حرب بالوكالة (), حيث يتم فيها القتال بدول صغيرة بدعم من دول كبيرة بطرق غير مباشرة وهناك أيضا الحروب البيولوجية (biological wars), وكلما تطورت التكنولوجيا تطورت معها الحروب.
• المراجع:
• د. إسماعيل صبري مقلد, الإستراتيجية والسياسة الدولية, المفاهيم والحقائق الأساسية, لبنان, مؤسسة الأبحاث العربية, ط1, 1979.
• د. كميل حبيب, أ. أحمد العودي, قاموس المفردات الدبلوماسية والعلاقات الدولية, لبنان, المؤسسة الحديثة للكتاب, 2005.
