اخيرا وصلتني رسالتك اذا , هاهي بين يدي تنتظر مني ان افتحها , و اقلب كلماتها المبعثرة هنا و هناك ,
خائفة انا منك و من كلماتك , ما الذي جعلني احب رجلا مجنونا مثلك ؟
هذا الحب الفرعوني , هذا السحر الذي لا يبطل , هاهي رسالتك بين يدي , احملها بشوق , كما تحمل الام رضيعها لاول مرة , هاهي يداي ترتعشان , و قلبي يدق بعنف , مستعجل , كأنه يطالبني بفتحها حالا .
ها انا افتح رسالتك بيدين مرتعشتين
" بسم الحب و كل المشاعر الطاهرة
و بسم معشوقتي الحائرة
باسمك و باسمي ابدأ رسالتي
عزيزتي سلاف , اعلم انك سئمت غفران اخطائي , و تامل هفواتي , اعلم انني اجعلك تتالمين , و اعلم انني اتالم كلما جعلتك تتالمين . غير انني هذه المرة ظلمت ظلما كبيرا , و اكتب اليك كي ابلغك , ان كل ما قيل عني بهتان حاقدين , و غيرة من عاشقين
لم اعرف غيرك اية فتاة , و لا تهمني اية فتاة , لكن كما ترين ؟, مجددا تظلمني الحياة
ربما ابتعدت عنك قليلا , و بالغت في مصاحبة العصافير , لاني رسام , انعزلت , ارسم احوال السماء , و انشغلت بالتدقيق باصغر الاشياء , ربما اخطات ايضا بالتعبير عن حبي مرات كثيرة , لكنني لن اسامحك ابدا , ان تخليت عني ,’ لن اصدق كلمة احبك لحظة الفراق
ايمكنك تجاهل كل لحظة حب ؟ انا ليس بامكاني
ابستطاعتك ان تمري من امامي كانك لا تعرفينني , و انا فارسك و حبيبك , انا الذي نذرت سنين عشقي في معبد الزمن , اشعلت شموع الحنين في ظلمة الوحدة , التي كنت فيها ارتل آيات غرامي , شفاهي لازالت حمراء ساخنة من قبل الليالي الزرقاء , اين كان القمر شاهدنا يرسل تحياته , اين كانت الشجرة التي تاوينا تدمع فرحا بفجر عشق متالق , ربما تظنين ان غضبي عليك الاخير , كان مجرد تقبلات ميزاجية ,’لعاشق ملول , لكنك لم تحزري بل هي حرقة غيرة من مجرد بائع تفاح , اطال التحديق اليك و انت تبتسمين له
كيف تبتسمين له ؟ و انا الذي طالبتك مرارا الا تبسمي لغيري , لا تقولي انت تبالغ , لو كان الامر بيدي , لفقات كل عيني ناظر الى حسنائي فانا اكره النظرات الخبيثة
قد تقولين انت قبل ان تصير حبيبي طالما اطلت التحديق الي , اقول لك لم اكن انظر الى جسدك الجميل , كنت انظر الى الروح الطيبة التي انتشرت في هذا الجسد , لم اكن اركز النظر على نهديك المستديرين , كنت اراهما فاراك اما لاولادي , قد وضعت رضيعك بين ذراعيك و قررت ان تعري عن نهدك كي ترضعيه الطيبة و الحنان , كنت انظر الى عينيك , لاقرا الرسائل المكتوبة فيهما , الكلام الذي كنت ترفضين الاعلان عنه , خجلا او تحفظا ,’ كنت اراى شفاهك , و اراى الكلام يتدفق من بينهما كينبوع عسل صاف
يزعجني ايضا قولك انت لا تثق بي , لان ثقتي بك عمياء ثقة الطير للسماء , ثقة الارض بالمطر , ثقة القلب بالحب
قبل ان انهي رسالتي اقول لك احبك مدى الحياة الى الممات
محال ان يتغير شعوري , يوم يتغير شعوري اعلمي انني جننت
و يوم اجن اعلمي انك السبب
اخيرا اقول انت آالهتي الخاصة بي وحدي و لا يحق لمخلوق عبادتك سواي
المخلص ابدا اسكندر
كتبت يوم الثلاثاء 11 نوفمبر 1680 "
انهيت قراءة الرسالة وجدت دموعا على خدي , عبثا حاولت اجهاضها , اعدت قراءة الرسالة , عدة مرات ثم خباتها في احد ادراج خزانتي , جلست على الكرسي الخشبي كذاك التمثال الجامد , وحدي بالمنزل , بيت فارغ , لا يسمع فيه , سوى دقات الساعة الحائطية العتيقة ,
ماذا عساي افعل ؟ و من يجب ان اصدق ؟ صرت لا اعرفه و لا حتى اعرف نفسي , رسالته اسعدتني و اربكتني , كلماتته كعادته توقظ الازهار في قلبي , و تحيي لي آمالا جديدة
حبيبي الشقي , ذاك الرجل الوسيم الذي ان شممت عطره من بعيد اولد من جديد , ان اقترب اكثر انسى اسمي و انسى قواعد الكلام
ذاك الرجل الوسيم الذي ان سمعت صوته عبر الاثير , انسى اينمها كنت اسير , عن غير عمد اضيع اتجاهي
ايها الرجل الصدفة , ان احبك اية صدفة ؟
ايها الرجل السر , من اين اتاك هذا السحر ؟
ايها البحر الجميل انا موجة تمتد ضد التيار بلا قرار رافض الابتعاد عنك
هذا الصباح قررت ان اقص شعري الاسود الطويل , كي انتقم منك , لكنني ترجعت لانني ادركت انك لن تغفر لي ابدا ما سافعله بشعري , تذكرت امورا كثيرة , مرة قلت لك ليتك كنت شاعرا لا رساما
اجبتني نحن لا نختار المواهب , المواهب من تختارنا
عندما اراك دوما اتحسس وجهك الجميل كامراة عمياء , كانني اكتشفك بيدي , كانني اعجز عن التمييز بين الواقع و الحلم , لا ادري لماذا اخاطبك كانك معي ’,اتخيلك تسمعني , بل حتى تقاطعني و تتناول معي الحديث , احيانا ايضا عندما اشتاقك جدا, استيقظ صباحا فاشعر انك كنت نائما معي بالسرير طوال الليل و استيقظت كي تقوم باشغالك
بعد رسالتك لم استطع الا التفكير بك , لم اعد قادرة على فعل امر آخر , لذلك حملت نفسي و ذهبت عند جدتي , خرجت من المنزل اول ما لاقاني هو الضوء الجريء عكس الاضواء الخافتة التي خصصتها لمنزلي , كانت الشمس قد اشرقت و نفخت اشعتها الدافئة لتعانق الفلاحين , سرت و انا اشق طريق الحقول , اتصفح صفحات الطبيعة الغناء , احسد العصافير, على السعادة الدائمة , لم ارى يوما عصفورا حزينا , احسد العصافير على الحرية , حرية اختيار المكان , ما اندر العصافير المسجونة و ما اكثرها حرة
- صباح الخير جدتي , احضرت لك الدواء , اوصيت عليه بائع التفاح , و قد احضره لك من المدينة
- شكرا بنيتي , ماذا كنت صانعة لولاك
- لا تشكريني ارجوك هذا واجبي , اجبتها ثم سكتت
نظرت الي مليا كانها تقراني ثم قالت
- مالي ارى الحيرة تغوص بين ملامحك ؟ ما بك لا تبدين سعيدة و لا حزينة ؟
اين فرح الفراشات النتراقصة في عينيك ؟
و امواج البحر العنيدة بين خصلات شعرك ؟
- لست ادري ما يحصل لي
- هل افتح لك الكتاب يا ابنتي ؟
كتابها الذي كلما فتحته فتحت لي بابا و اغلقت ابوابا
كشفت لي مجهولا و اوضحت لي مجاهيل
قلت لها افتحي و اخبريني ماذا ترين ؟
قالت محتارة انت بين قلبين , بين رجلين , لكن قلبك اختار احد القلبين
ابتسمت قائلة انت عاشقة اذا ؟
قلت لها انظري ان كنت معشوقة
قالت قد قلت انك معشوقة من قبل رجلين
تفكرين كثيرا بالقدر , تخشينه , و تتشاطرين عليه , كي تكوني رابحة لا خاسرة معه
يا ابنتي القدر سيدي و سيدك
القدر قانون الوجود
ان استطعت التشاطر على الرب
فبامكانك التشاطر على القدر
طريقك ليس سهلا يا ابنتي ذئب في جسد رجل احذريه , لا تصدقي كلاما يقوله , سيقول لك ما لم يقله تاجر لترويج سلعته , يسفعل المستحيل فقط من اجل كسب ثقتك
- الا ترين اسمه ؟ شكله ؟ هيئته ؟
- لا ارى سوى رجل يحوم حولك مثلما يحوم النسر عن الفريسة
لكنني ارى يدا ممدودة بعثها الرب من اجلك , تمسكي بها و غادري بعيدا مع صاحبها
سيقول انه يحبك و بجنون و ستقولين عنه يبالغ
سيقولون عنه خائن و زير نساء و يبعثون رسائل فتنة
لا تدعي الافكار السوداء تتسلل اليك و اجعلي الرب دوما انيسا
اغلقت الكتاب القديم رات ان حلي قد تغير من سيئ الى اسوأ
- كيف لي ان اعلم من الرجل الطيب و من الذئب في جسد رجل ؟
مادام الاول يحبني بجنون و الثاني سيفعل المستحيل من اجل كسب ثقتي ؟
ودعتها معانقة عدت الى منزلي حضرت الغداء , ثم حملت ورقة و قلم لاكتب رسالة الى اسكندر
" باسمك و باسمي ابدا رسالتي
باسم احلام صبية وحيدة
و باسم الوفاء لرسائلنا العديدة
باسم روعة تعانق الغيوم في السماء
و شهقة الارواح عند سماع الاسماء
بسم ثمار اشجار الغرام و قدرة الشفاه على صنع الكلام
عندما ابدا بوصف ضلوع كلامي , تظنني اوظف غموضا اكيدا و ابحارا نحو المجهول , غير انني اطوف حول معالم الوضوح باجلال
بماذا ابدا ؟ الامل مثلا صار لوحة تذكارية معلقة بحائط التامل
أحبك للشاطئ تعوضع اصداء اصداف جمعتها ؟؟؟
انار شوق الحبيب تطفئها عبرات بينك و بين نفسك ذرفتها ؟؟؟
ليس طمعا ان اتمنى حبا كبيرا و ان وجد فانا اتمنى له فراقا كبيرا لان المشاكل اللذيذة التي تسلينا مثل الغيرة و صدامات الافكار من المفترض ان تقربنا اكثر لا ان تجعلك تبتعد لتبالغ بمصاحبة العصافير و تنعزل من اجل رسم احوال السماء
لا تظنني ريحا شاردة ترفض اختيار الاتجاه او غيمة تسير ببطئ ترفض ارضاع الارض
و لا كما وصفتني آلهة امنح الحياة
يا اسكندر بقلبي آللام لم تستطع بعد اشفاءها
تلف بي اوهام لم تستطع بعد ابعادها
ان كنت تحبني جداااااا مثلما تقول ارحني من تناقضاتك
تعبت من فك احجياتك
ارحني و ارح نفسك
الى اللقاء اسكندر و سطر خطا اسودا تحت اللقاء
خرجت من منزلي ابحث عن سامي الطفل الصغير بائع الحليب الى ان وجدته اعطيته قطعة فضية و طلبت منه ان يوصلها الى اسكندر
سقط عقدي من عنقي , انحنيت لاحمله من الارض سبقتني يد رجل في حمله , رفعت راسي لارى من ؟ وجدته غابريال وقفنا معا , ناولني عقدي , اخذت عقدي ثم صافحته , تفاجات لرؤته فقد طال غيابه
- كيف حالك سلاف ؟ آمل انك سعيدة هذا الايام ؟
- انا بخير , هكذا انت دوما ترحل فجأة و تعود فجأة , ظننت انك سئمت هذه الضيعة الصغيرة
- انا ابدا لا اسام من بلدتي الجميلة
ما اعادني اليها امر لا استطيع البوح عنه الآن
-مازلت كما انت عيونك مليئة بالاسرار , لا يفهمك احد , كل شيء فيك لازال على حاله
- لا اجد سببا يجعلني اتغير
- كلامك جميل لكن اعتذر علي الرحيل
- لما تودين الذهاب ؟
- و لما ابقى ؟
- متى اراك ؟
- عندما تراني
عدت الى منزلي , القيت بنفسي بالسرير و انا افكر بغياب اسكندر و عودة غابريال
جنون الاول و اندفاعه و غموض الثاني و تحفظه
قبل ان انام اعادني التفكير الى كل الذكريات الجميلة التي جمعتنا انا و اسكندر
تذكرت كيف كان يحملني بين ساعديه , يسير بي بالغابة كي نجلس تحت شجرة الارز العتيقة
كيف كان يتسلل الى البساتين و يسرق الفواكه و ياتي راكضا ضاحكا كمراهق صغير و يرمي الفواكه بحجري
تذكرت ايضا يوم مرتت امام المقهى و غازلني احد اصدقائه الذي كان يلعب معهم الطاولة , فصفعه امام الجميع , و ثار شجار عنيف بينهما تلك الليلة بسبب الصفعة
لازلت احبه و اشتاقه و اتذكر كل لحظة عشتها معه , كالساعات التي كانت تمر و هو يرسمني , لم اكن اضجر او اتعب من التموضع له
ترى من هو الطيب ؟ اسكندر كما يقول احساسي ام غابريال ؟
ام ان المظاهر خداعة ؟
صباح اليوم الموالي و انا في عز حلم جميل ايقضني طرق عنيف على نافذتي , فتحتها وجدت رسالة قد وضعت , ادركت انها من اسكندر , فتحتها بسرعة
" بسم حرقة قلبي و اشتياقي و احتراقي
بسم حبي الكبير الكثير
باسمك و باسمي سلاف و اسكندر و لا ثالث الا حبنا
ملت نفسي النظر خلسة و الانتظار
في بعدك عني تشابه الليل و النهار
ساختصر حديثي في رغبتي الوحيدة ان اراك
فهواك الذي تربع على عرش قلبي
يصر اليوم على لقياك
دطلاق المشاعر لا يعنيني , ساكون تحت ظل شجرة مواعيدنا الرابعة بعد الظهر
لا تخيبي املي
المخلص دوما اسكندر
كتبت الساعة السابعة صباحا
يوم الخميس 20 تشرين الثاني 1680 "
وقت العصر ارتدت فستانها الابيض الجميل , سرحت شعرها و فردته على كتفيها , لم تستطع منع نفسها عن مقابلته , كانت تمش في الطريق باستحياء شعرت ان كل من يراها يعلم بموعدها
وصلت اذا الى ارض فسيحة ليس بها الا شجرة وحيدة زرعت هناك , ربما زرعها عاشقان منذ مئة سنة ليلتقيان تحت ظلها
لمحته من بعيد جالس و بمجرد ان رآها وقف اتراما و حياها من بعيد بابتسامة غريق مدت له يد النجاة
- كنت اعلم انك ستاتين
عانقها بقوة , شم عبير شعرها , جلسا تحت ظل الشجرة حدثها و هو يمسك يدها
- اشتقت اليك كثيرا سلاف , الم تشتاقي الي ؟
- للاسف لم اشتق اليك
- انظري الى عيني و قولي انك لم تشتاقي الي
نظرت الى عينيه و قالت
- اشتقت اليك
ضحك ضحكة المنتصر و قبل خدها و قال
- اعلم تنك اشتقت الي
سالته عن اخباره
- انا اعمل ببيروت في الوقت ذاته متربص كي اصير معلما بالقرية
- و ما الذي تقوم به كعمل بالمدينة ؟
- اعمل نجارا بعدما كنت اجني رزقي بصيد السمك
- لما رفضت العمل مع والدك بالارض ؟ و فضلت التشرد بالمدن البعيدة ؟
- لكن اهذا كل ما ترين ان يكون عليه حبيبك ؟ مجرد فلاح بسيط يخدم الارض ؟
الا تريدين شابا طموحا , يسع لتحقيق احلامه ؟ الا تتمنين ان اصير رساما مشهورا و معلما محترما ؟
- اريد كل هذا و لكن الى متى انتظر تحقيق احلامك يا اسكندر ؟ انت تتحدث هكذا منذ سنين
احلم معك بكل هذا , و لكن يظل حلمي الاكبر هو الاستقرار . لما تكره الارض و الفلاحة ؟
كانك لم تنشا و انت تقبل الحشائش ؟ و تشكي همومك لجذوع الاشجار ؟
الجميع هنا في القرية يرون انك شاب كسول , يمضي وقته في قراءة الكتب و رسم اللوحات , و لا يسقي الشجرة الا في آخر يومه
- غير انني اسقيها يا سلاف , و هذا هو المهم , انا لا اكره الارض , و لست جاحد , غير ان طموحاتي اكبر و احلامي ابعد
- رغم كل شيء اتفهمك , و ادعو الرب كي يحميك و يحقق احلامك
ابتسم
تقدم مني و صار يقبلني بشغف , و يداعب شعري بكلتا يديه , اخذتني قبله المتتابعة الى عالم آخر , كانني غائبة عن الوعي , بسرعة يقوم بالتهام شفاهي , لم اكن ادري انه جائع الى شفاهي الى هذا الحد , لكنه فاجأني عندما بدأ يفك ازرار ثوبي ابعدت يده و اغلقت ازرار ثوبي , وقفت غاضبة الم شعري
- اسكندر انت لم تشتق الي , انت اشتقت الى جسدي ,
- سلاف حبيبتي لا تغضبي مني , كل ما في الامر انني لم استطع كبح شغفي
- هذا غير مقبول على الاطلاق , لكنني انا المخظئة ما كان علي المجيء الى هنااا و لا ان اضعف امام قبلاتك
كم كنت غبية اصدق كل ما تقوله , كنت تقول ان نظرتك مختلفة و انك تتمناني اما لاولادك
- يا سلاف يا حبيبتي نظرتي لم تتغير و امنيتي كذلك لكن لانني احبك اشتهيك
انا آسف , حقك علي , لن اقوم بتصرف يغضبك بعد الآن
- ارفض ان تراني لمجرد ان تمرغ شفتيك على نهدي
ارفض ان اكون دمية تفسدها بعبث طفل صغير
انت لست , لست سوى ذئب في جسد رجل
حاول اسكندر اسدتراك خطأه , ركع على ركبتيه , قبل كلتا يديها و اعتذر , غير انها سحبت يديها و رحلت دون توديعه
و انا عائدة الى منزلي التقيت بغابريال سلم علي و سالني
- مالي ارى دموعا قد جفت من على خديك ؟ لا احتمل رؤية مراة تبكي , خصوصا انت , من الغباء ان نبكي النساء
- اذن كل الرجال اغبياء
- قولي لي تعلمين انك يمكنك الاعتماد علي
- الكلام هذه المرة لا يجدي , دعك مني , تحدث عنك , لما رحلت عن الضيعة و لما عدت اليها ؟
-رحلت بسببك , و عدت من اجلك , رحلت لان الطرق الى قلبك كانت مسدودة , و كنت مشغولة بحب رجل آخر , لم يكن المكان يسعنا نحن الثلاثة , و عدت لانني وجدت الطرق الى نسيانك مسدودة و قررت النضال من اجلك , و اقوم بالمستحيل من اجل كسب حبك و ثقتك
قولي لي الازلت تحبينه ؟
- صرت اكرهه , ما عدت احبه صدقني , اسكندر صار من الماضي
شعرت انه لم يصدقني و لا انا صدقت نفسي كم هو صعب ان تكذب على نفسك , فهي الوحيدة التي لن تصدقك ابدا
وصلنا الى المنزل , شكرته على مرافقته , وودعته
في الليل ارتاد غابرال احد الحانات , صادف اسكندر ثملا في حالة يرثى لها اقترب منه سلم عليه و جلس جنبه ,
- هل يمكنني الانضام اليك اسكندر ؟
رفع عينيه المثقلتين
- هذا انت غابرال , اجلس طبعا , عدت الى الضيعة اذن ؟
- و هل بيدنا الا نعود ؟ ام انك تفضل بيروت ؟
- انا اعشق بيروت , و اعشق الضيعة و اعشق سلاف
- انت ثمل بسبب سلاف ؟
- لقد تركتني و ما عادت تريدني
- لماذا هل عرفت غيرها ؟
- انا اعرف غيرها ؟ ماذا تقول يا رجل ؟ انا لا اجيد ان اعرف غيرها , تماديت معها قليلا و هي غضبت مني كثيرا و تركتني
- حاولت التحرش بها ؟
- لا يسمى تحرشا , انه الحب , لو كنت عاشقا لعذرتني
-هل ترض لاختك ان تقوم بهذا باسم الحب ؟
- الامر مختلف هذه اختي و هذه حبيبتي
صباح الموالي بينما سلاف تجلس في حديقتها فاجاها اسكندر الذي فتح الباب الصغير للحديقة و دخل مسرعا بلا مقدمات
- صباح الخير حبيبتي , لازلت غاضبة مني ؟ جئت من اجل الاعتذار
-ساقبل اعتذارك بشرط واحد ان تثبت حبك لي
- مستعد ان اقوم باي شيء كي اثبت لك حبي رغم انه لا يحتاج الى اثبات
- تزوجني
- هل انت مجنونة ؟ انت اكثر من يعرف انني حاليا غير قادر على الزواج , لازلت ادرس و لازلت غير جاهز للزواج , و لكنك تعلمين انك وحدك ستكونين زوجتي ,
- مجنونة لانني احبك و اود الزواج منك ؟
- مجنونة لانك تفكرين به في ظل هذه الظروف ؟, انا ليس لي مسكن سوى ذاك الكوخ الحقير , لم انهي دراساتي بعد كي احصل على مهيتي التي اعيشك بها كالاميرة
- لا اريد حياة اميرة
- لا يمكنني ان اتزوجك كي تعيشي معي الفقر , هذا امر لا اقبله لك و لن اسامح نفسي عليه
- هذه ليست حجة , ارفض مثل هذه الاعذار السخيفة انت تعلم جيدا انا الفقر ليس مشكلة بالنسبة لي
- الزواج اكيد , لكن حاليا مستحيل
- اذن حبنا مستحيل , اخرج من حديقتي و اخرج من حياتي
- تطردينني من بيتك سلاف ؟
- اطردك من حياتي
- سارحل اذن , و اتمنى ان تفكري جيدا قبل ان تضعي حبنا على المقصلة
لن اعود الا ان غيرت رايك
و يوم تطلبين رؤتي ستجدينني امامك
طلب مني ان افكر , هو لا يعلم انني لا افكر الا به
وعدني الا يزعجني بعد اليوم و احسست ان وعده صادق هذه المرة , ليته لا يفي بوعده , ليته لم يترك لي نظرات العتاب , ليته لم يترك ذاك الوجه الحزين بحديقتي , حزين هو لفراقي , و انا لفراقه عاجزة عن التصديق , و هو يغادرني شعرت ان الحياة تغادرني
و هو يغلق بابا الحديقة , شعرت انه يغلق بابا احلامي وراءه
لا احد سيضاهيك ابدا
تركت وراءك مكانا فسيحا , كل من سياتي من بعدك سياتي صغيرا , و سيعجز على ان يشغل كل المكان الفسيح
يتبع
بقلمي نمس ملاك
مع تحياتي
احتاج تشجيعكم و تعليقاتكم و نقدكم البناء
اتمنى ان القصة اعجبتكم
و ستكون للقصة تتمة