-بعد أن تعبنا من تكرار تلك المقولة التي نصفها إهانة ؛ أما الفخر فيها فلكوننا من أخترع الصفر دون العالمين وإن كانت النكتة تقول إننا توقفنا عنده
- صار في إمكاننا أن نباهي بكوننا حققنا رقما" قياسيا" عالميا" بصناعة أكبر علبة مناديل ورقية في العالم أنتجتها منذ أشهر شركة أردنية
- كل يحطم الرقم القياسي في ما هو مؤهل له لذا ؛ ما كان في إمكاننا منافسة تشيتيا في دخول كتاب غينيس بأكبر زجاجة شمبانيا ولا كوبا بأكبر سيجار ولا المكسيك بأكبر كرة زينة لعيد الميلاد أو بولندا بأكبر مسدس
- الجميع تنازلو لنا عن المناديل الورقية 0 فلا سوانا له مانحن فيه من بلاوي ومصائب ومذابح ومآسٍ -- وإهانات فكل مناديل تلك العلبة العملاقة
لاتكفي لمسح دموع سكان مدينة عربية واحدة
- حتما" ما كان الخطر ليأتينا من اليابان مثلا" ؛ حيث لا يباهي أبناؤها بما هو أكبر (خاصة إذا كان من الورق ) بل بما هو أصغر وأدق
- ثم أن اليابانيين شعب لايبكي ؛ في عرفهم البكاء عيب وإهانة لصاحبها ؛ حتى لحظة الفقدان أو الموت - فكرامة الياباني وعزة نفسه الأسطورية تجعلان الأنتحار أسهل عليه من البكاء
- بينما ينتحب ؛ فتيانا" وفتيات ؛ في كل بلد عربي ؛ وهم يتدافعون في طوابير الذل ؛ التي ينتظرون فيها الفوز بأستمارة تؤهلهم للوقوف دقائق
- أمام لجنة ستار أكادمي وسيتواصل بعدها البكاء والنحيب في الحالتين ؛ سواء فازو -- أم سقطوا ؛
- فعدوى البكاء ؛ بهجة أو حزنا" ؛ تنتشر بين الشباب العربي كانتشار الإنفلونزا بين الطيور من دون أن يثير ذالك أي ذعر لدى مربينا أو رعاة مستقبلنا
- أمام رخص دمعنا المعروض للفرجة ؛ وانخفاض منسوب الكرامة ؛ كان يلزمنا حقا" علبة مناديل ورقية عملاقة ؛ مادمنا عاجزين عن أكتساب جينات الشرف ؛ التي تصنع هالة وهيبة شعوب أخرى
- باقي الكلام أتركه للصديق ؛ الكاتب السوري نزيه أبو عفشفقد احتفظت بمقال قديم له عن فداحة الشرف لدى الذين تقاس كرامتهم بالموت -- لا بالدموع أقرأوه 00 واستعينوا بمنديل للبكاء
- حين أقول الشرف 00 أفكر في اليابانيين : يموتون إذا ألمت بهم وعكة صغيرة من وعكات الشرف يموتون -- كما لو أن طاعونا" ألم بهم يواجهون الحروب
- والمجاعات والكوارث والقنابل الذرية التي تطحن المدن والكائنات -- ينتصرون على الهزائم ؛ ويقيمونالحياة من حضيض موتها - لكنهم يضعفون أمام وعكة الشرف
- ينطرحون أمام مرايا ضمائرهم كفراشات مقصوصة الأجنحة (---) كأنما ليشهدوا الموت على مآثر الكاميكاز
- الذي لا يستطيع أن يواصل الحياة بشرف نازف وضمير مثلوم - يموتون : طيارون ؛ وقادة جيوش - كتاب وشعراء - خبراء أقتصاد - مديرو مؤسسات مالية -
- يستدرجون الموت برصاصة أو سيف أو حبل يتدلى من سقف غرفة فندق
- يموتون إذا لايكون في وسعهم أن يتحملوا كارثة اهتزاز الضمير ؛ وأضطرابات بوصلة الشرف الإنساني ؛ لاتقتلهم الحمى : تقتلهم حمى الشرف
- أفكر في الشرف ؛ في تلك اغدة النادرة التي تجعل الياباني ينتحر ؛ كي لا بقال : عاش بشرف مريض ! أفكر فينا ؛
- نحن أيتام هذه القارة الحزينة حيث تنتهك القوانين وتغتصب كرامات البشر ؛ حيث تنهد السماء على الارض فلا يرف جفن لخائن أو هاتِك كرامة وطن ! أتأمل في ما حولنا وفي من حولنا؛
- في أناس لايؤرقهم شرف ولا ينغص أعراسهم ضمير -- كأن ضمائرهم محنطة في نعال أحذيتهم 0 !!
بقلم الكاتبة الرائعة أحلام مستغانمي
أتمنى أن تنال أعجابكم أخوكم
ضياء الدين
===================================================================