الطين
ايليا ابو ماضي
[size=21][size=21]نسي الطين ساعة أنه طين .. **** فصال تيهاً و عربد
و كسى الخزّ جسمه فتباهى .. و حوى المال كيسه فتمرّد
يا أخي لا تمل بوجهك عنّي .. ما أنا فحمة و لا أنت فرقد
أنت لم تصنع الحرير الذي .. تلبس و اللؤلؤ الذي تتقلّد
أنت لا تأكل النضار إذا جعت .. و لا تشرب الجمان المنضّد
أنت في البردة الموشّاة مثلي في كسائي الرديم تشقى و تسعد
لك في عالم النهار أماني .. ورؤى و الظلام فوقك ممتد
و لقلبي كما لقلبك أحلامٌ حسانٌ فإنّه غير جلمد
ءأماني كلّها من تراب و أمانيك كلّها من عسجد ؟
و أمانيّ كلّها للتلاشي .. و أمانيك للخلود المؤكّد ؟!
لا , فهذي و تلك تأتي و تمضي .. كذويها ,و أيّ شيء يؤبد ؟
أيّها المزدهي إذا مسّك السقم ألا تشتكي ؟ ألا تتنهد ؟
و إذا راعك الحبيب بهجر .. ودعتك الذكرى ألا تتوحّد ؟
أنت مثلي يبش وجهك للنعمى و في حالة المصيبة يكمد
أدموعي خلّ و دمعك شهد ؟ .. و بكائي ذلّ و نوحك سؤدد ؟
وابتسامتي السراب لا ريّ فيه ؟ و ابتسامتك اللآلي الخرّد ؟
فلكٌ واحدٌ يظلّ كلينا .. حار طرفي به و طرفك أرمد
قمر واحد يطلّ علينا .. و على الكوخ و البناء الموطّد
إن يكن مشرقا لعينيك , إنّي .. لا أراه من كوّة الكوخ أسود
ألنجوم التي تراها أراها .. حين تخفى و عندما تتوقّد
لست أدنى على غناك إليها .. و أنا مع خصاصتي لست أبعد
أنت مثلي من الثرى و إليه.. فلماذا ، يا صاحبي التيه و الصّد ؟
كنت طفلا إذ كنت طفلا و تغدو .. حين أغدو شيخا كبيرا أدرد
لست أدري من أين جئت و لا .. ما كنت ،أو ما أكون يا صاح في غد
أفتدري ؟ إذن فخبّر و إلاّ .. فلماذا تظنّ أنّك أوحد ؟
ألك القصر دونه الحرس الشاكي و من حوله الجدار المشيّد
فامنع اللّيل أن يمدّ رواقا فوقه ، و الضباب أن يتبلّد
وانظر النور كيف يدخل لا يطلب أذنا ، فما له ليس يطرد ؟
مرقد واحد نصيبك منه أفتدري كم فيك للذرّ مرقد ؟
ذدتني عنه ، و العواصف تعدو في طلابي ، و الجوّ أقتم أربد
بينما ***** واجد مأوى و طعاما ، و الهرّ كالكلب يرفد
فسمعت الحياة تضحك منّي أترجى ، و منك تأبى و تجحد
ألك الروضة الجميلة فيها الماء و الطير و الأزاهر و النّد ؟
فازجر الريح أن تهزّ و تلوي .. شجر الروض – إنّه يتأوّد
و الجم الماء في الغدير و مُرهُ .. لا يصفق إلاّ و أنت بمشهد
إنّ طير الأراك ليس يبالي أنت أصغيت أم أنا إن غرّد
و الأزاهير ليس تسخر من فقري ، و لا فيك للغنى تتودّد
ألك النهر ؟ إنّه للنسيم الرطب درب و للعصافير مورد
و هو للشهب تستحمّ به في الصيف ليلا كأنّها تتبرّد
تدعيه فهل بأمرك يجري في عروق الأشجار أو يتجعّد ؟
كان من قبل أن تجيء و تمضي و هو باق في الأرض للجزر و المد
ألك الحقل ؟ هذه النحل تجني الشهد من زهرة و لا تتردّد
و أرى للنمل ملكا كبيرا قد بنته بالكدح فيه و بالكد
أنت في شرعها دخيل على الحقل و لصّ جنى عليها فأفسد
لو ملكت الحقول في الأرض طرّا لم تكن من فراشة الحقل أسعد
أجميل ؟ ما أنت أبهى من الوردة ذات الشذى و لا أنت أجود
أم عزيز ؟ و للبعوضة من خدّيك قوت و في يديك المهند
أم غنيّ ؟ هيهات تختال لولا دودة القز بالحباء المبجد
أم قويّ ؟ إذن مر النوم إذ يغشاك و الليل عن جفونك يرتد
وامنع الشيب أن يلمّ بفوديك و مر النضارة تلبث في الخد
أعليم ؟ فما الخيال الذي يطرق ليلا ؟ في أيّ دنيا يولّد ؟
ما الحياة التي تبين و تخفى ؟ ما الزمان الذي يذمّ و يحمد ؟
أيّها الطين لست أنقى و أسمى من تراب تدوس أو تتوسّد
إنّ قصرا سمكته سوف يندكّ ، و ثوبا حبكته سوف ينقد
لايكن للخصام قلبك مأوى إنّ قلبي للحبّ أصبح معبد أنا أولى بالحب منك و أحرى من كساء يبلى و مال ينفد[/size][/size]