وديع عواودة-حيفا كشفت دراسة جديدة عن انخفاض كبير بعدد المنظمات التي تسوق لموضوع "التعايش" بين اليهود والفلسطينيين داخل إسرائيل.
وتشير دراسات صادرة عن مركز "مدى الكرمل" للدراسات الاجتماعية التطبيقية بحيفا داخل أراضي 48 إلى انخفاض عدد المنظمات التي تعمل بمجال "التعايش" من 180 إلى نحو ثمانين منظمة بالعقد الأخير نتيجة ارتفاع مستوى الوعي لدى فلسطينيي الداخل وبسبب الانتفاضات الفلسطينية.
وبدأت مثل هذه المنظمات بالانتشار منذ بداية السبعينيات ضمن مشاريع ما يسمى "التعايش اليهودي العربي" حيث أقيمت منظمات مختصة شملت الفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة أيضا.
أجندة إسرائيلية
وتشير أبحاث "مدى الكرمل" إلى أن مثل هذه البرامج تنمو من جديد في أعقاب كل احتكاك بين الشعبين كـ هبة القدس والأقصى موضحة أن جميع هذه المنظمات يهودية وتخدم إسرائيل.
د. رباح حلبي المحاضر بقسم التربية بالجامعة العبرية والمشرف على الدراسة يوضح أن مشاريع "التعايش" جاءت إثر حاجة يهودية وأنها ممولة أساسا من قبل يهود، وهي تهدف نهاية المطاف لتفهم الجانب المعتدى عليه للمعتدي ولتخوفاته.
ويشير إلى أنه ومن خلال عمله ودراسته بهذا المجال فقد توصل لعدة قناعات أخطرها أن ما يحسم العلاقة بين اليهود والفلسطينيين بالداخل والخارج هو منظومة استعمارية.
|
رباح حلبي: منظومة استعمارية تحسم العلاقة بين اليهود والفلسطينيين بالداخل والخارج (الجزيرة نت)
|
عقلية استعمارية
كما يستخلص بالدراسة أن اليهود القائمين على منظمات "التعايش" لا يستطيعون تحمل وجود فلسطيني مديرا حقيقيا بمثل هذه التنظيمات. وهو يشير لتجربته "القاسية بهذا الصدد مع اليساريين واليساريات (اليهود) بقرية واحة السلام التي يقطنها فلسطينيون ويهود منذ عقود ضمن مشروع موله أثرياء يهود دعما لما سمي "التعايش".ويؤكد أن ظاهرة "العنجهية" والتعالي والعنصرية شائعة أو متفشية لدى اليهود الغربيين سيما أولئك الذين ينعتون أنفسهم باليسارية، مشيرا إلى أن الهوية اليهودية والدولة العبرية مبنيتان بالأساس على السيطرة على الفلسطينيين والعرب.
من هذا المنطلق، يستبعد حلبي بتصريح للجزيرة نت وجود أمل بالمنظور القريب بالوصول لمعادلة سلام ووئام حقيقيّين بين الشعبين، ويتابع "الحل الوحيد الممكن للصراع مشروط بتغيّر العقلية اليهودية، والتنازل عن العنجهية والنزعة الاستعمارية".
وهذا ما يؤكده أيضا باسم كناعنة، فيوضح في بحثه ضمن ملف "مدى الكرمل" أن الواقع داخل المؤسسات المذكورة يشكل نموذجا مصغرا للواقع القائم بين اليهود والفلسطينيين، وبأن ما يميز تعامل الدولة واليهود مع الفلسطينيين هو التعالي والفوقية من منظور السيّد.
أما مدير مركز "وفاق لتسوية النزاعات والتصالح الاجتماعي" في بيت لحم د. نوح سلامة فيتناول اللقاءات بين الطرفين من الضفة الغربية وقطاع غزة، ويدعو لضرورة التنسيق بين الجمعيات والتنظيمات الفلسطينية الفاعلة للاتّفاق على أهداف مشتركة وخطوط حمراء لا يجوز لأيّ كان أن يتجاوزها.
ويقول في بحثه إن معظم مشاريع اللقاءات تصبّ في مصلحة الاحتلال، لا سيّما حين يقرّر الجانب الإسرائيليّ موضوع، وطريقة، وأسلوب ونتيجة اللقاءات، مشيرا إلى أن هذا لا يختلف عن قيم الاحتلال المستندة إلى السيطرة والعنجهيّة والاستعلاء كما ينعكس الأمر بالمفاوضات السياسية المتعثرة مع السلطة الفلسطينية.