ملاك الجزائر المتمردة
عدد المساهمات : 3112
اعلام الدول :
مزاج العضو :
| موضوع: أفضّل كسب قوتي بأصابع رجلي على انتظار منحة المعاق الأربعاء أكتوبر 12, 2011 10:14 pm | |
| بالرغم من طرقه أبواب وزارتي التضامن والثقافة وبلدية رايس حميدو، إلا أن الفنان نورالدين شرابي لم يجد آذانا صاغية، مع أنّ وضعيته تستدعي التدخل العاجل..، وانطلاقا من إيمانه العميق بأنّ أطيب الرزق هو ذلك الذي يُكسب من عرق الجبين، فهو يؤكد استعداده للتنازل عن منحة المعاق التي يتقاضاها شهريا لمن هم أحوج منه إليها ، ويُعوّل على كسب قوته بجهده، شريطة مساعدته فقط بتوفير محل يعمل فيه، ويساعده على التواصل مع الجمهور.
في 14 ماي عام 1971 وُلد نورالدين شرابي بحي عمر ملاح رايس حميدو بالجزائر العاصمة، لعائلة فقيرة وكثيرة العدد (12 فردا)، ولم يكن يعرف تماما شيئا عن أطوار المستقبل، لكنّ المقدمات كانت تبدو مشكّلةً من خلال بعض التفاصيل لدى عائلته، فقد وُلد دون كتفين ولا ذراعين، وهذا ما جعل العائلة تتيقّن أنّ ابنها نورالدين، سيعيش حياته كلّها عبئا على أفرادها. وحين بلغ السادسة من العمر، وهو سنّ التمدرس، دفعت به العائلة إلى مقاعد الدراسة، لكنه ظلّ بحاجة ماسة إلى من يُعينه على حمل حقيبته، فكان أن التزم بهذا العبء شقيقه وشقيقته، وسرعان ما أضحى ذلك مستحيلا وشاقا عليهما، فاضطُر إلى مغادرة المدرسة، ولمّا يُتم الصف الثامن من التعليم الأساسي.
لا أطلب سوى محل أرسم فيه
يبلغ عُمر الفنان نورالدين شرابي اليوم 39 عاما، وما يزال يذكر جيدا أول لوحة رسمها " اخترت لأول لوحة رسمتها في حياتي اسم " الوحيد"، استخدمت فيها اللون الأزرق كخلفية، يتوسطها منظر جبل يقع بمنطقة الهقار في الجنوب الجزائري الذي يتميز بالصحراء الواسعة، وربما كنت أعبّر من خلال هذه اللوحة الأولى في حياتي الفنية عن حالتي النفسية يومئذ..".
بعد تجربة الميلاد الفني لنورالدين، ازداد الإصرار على النجاح لديه، ولم يترك فرصة إلا وانتهزها للتواصل مع الجمهور، وهو اليوم يُحصي في مشواره الفني ستة معارض فردية، نظمها بالعديد من فضاءات عرض الفنون التشكيلية بالجزائر العاصمة، وفي مناسبات مختلفة.
وأمام هذه النجاحات التي حقّقها، أصبح نورالدين حديث وسائل الإعلام بمختلف وسائطها، ونالت أعماله ما تستحقّ من إعجاب وشهرة. ولم يُثن هذا الفنان ظروفه القاسية التي يعيشها عن الانضمام إلى الجمعية الدولية للرسامين بالفم والرجل، وهي بالمناسبة تساعده ماديا بمبلغ من المال دوريا، بالكاد يكاد يكفيه لشراء أدوات الرسم، و الوفاء ببعض احتياجاته اليومية.
في 16 أفريل المنصرم، كان الفنان نورالدين شرابي على موعد مع حفل زفافه، وبحسب شقيقه عبد الرحمن، فإنّ الله وفّقه إلى شريكة حياته، التي لم تطلب منه سوى مصحف قرآن، وتنازلت عن كلّ المطالب التي عادة ما تُثقل بها العروس كاهل خطيبها. ولم يُخف شقيقه أنّ نورالدين يقف عاجزا عن الوفاء بالتزاماته المستقبلية كزوج، خاصة وأنّ كلّ المساعي التي قادته إلى وزارة الثقافة لطلب محل يُزاول به فن الرسم، اصطدمت بجدار من الصمت، وهو الذي كان يُعوّل على فكرة أن يمتلك زاوية تسمح له بممارسة فنه، بعيدا عن المعاناة التي يلاقيها داخل المسكن العائلي، حيث يُخصّص جانبا من المطبخ للرسم، لكن ذلك يُعيقه عن تطوير قدراته الفنية، كما أنّ هذه الظروف القاسية قد تعصف بموهبته التي يُعوّل عليها كثيرا في كسب قوته . والطريف أنّ نورالدين لا يطلب شيئا من السلطات الجزائرية سوى تمكينه من الحصول على محل، وأنّه مستعد أن يتنازل عن منحة المعاق التي يتقاضاها شهريا، لمن هم أحوج منه إليها من المعاقين، وأنّه على استعداد تام لكسب قوته من عرق جبينه، ومن الموهبة التي منحه إياها الله تعالى.
الزواج كان حلما تحقق
في حديث أجريناه مع نور الدين، كشف عن جوانب كثيرة من معاناته التي يواجهها بالصبر والتضحيات، ولولا المساعدات التي يتلقاها من بعض أفراد أسرته لما استطاع الاستمرار في عطائه الفني يقول نورالدين " أنا أعمل في البيت، وبالتحديد في المطبخ، لأنه ليس لدي متّسع من المكان أعمل فيه. والرسم في المطبخ، حيث تقوم أمي بعمل البيت من حولي، لا يساعدني في التركيز، و استنباط الأفكار. كما هنالك أبناء أخي الذين يقاسموننا البيت نفسه، وبدافع الفضول يتحلّقون حولي أثناء قيامي بالرسم، وهذا يُزعجني بعض الشيء. وكنت قد اتّصلت ببلدية رايس حميدو بالجزائر العاصمة، وهي البلدية التي أقطن بها، وأودعت لدى مسؤوليها ملفا قصد تمكيني من محل صغير أعمل فيه، إلا أنّ كلّ اتصالاتي بهم لم تُجد نفعا . وحرماني من محل، جعل الأشخاص الذين يحاولون الاتصال بي يعجزون عن إدراك ذلك. كما حاولت الاتّصال بكلّ من وزارة الثقافة ووزارة التضامن لمساعدتي، لكن دون جدوى. لكنّ عناية الله لا تترك أحدا من الخلق بين براثن الضياع، فقدّر الله لي أن أتعامل مع الجمعية الدولية للرسامين بالفم و الرجل، و التي مقرها في أوربا، و صارت تمنحني إعانة شهرية خفّفت عنّي بعض الشيء متاعب الحياة". وحول سؤال كيف سيواجه متاعب الحياة بعدما تزوّج ، يُجيب نور الدين بكامل الثقة " إن عملي الفني هو مصدر خبزي اليومي، خاصة بعد زواجي لأنني مضطر لأنفق على زوجتي، كما أنّ الرسم بالنسبة لي هو أنيسي في يومياتي، وبواسطته أنسى كلّ مشاكلي ومتاعبي اليومية. وبالرغم من أنّني أشتغل في ظروف استثنائية وغير ملائمة، إلاّ أنّ ثقتي في الله كبيرة، ثمّ إنّ شكر أفضال الناس من شكر الله، ولولا المساعدات الكبيرة التي تلقّيتها من أخي عبد الكريم، لما وصلت إلى ما أنا عليه الآن. إنّه رفيقي في الحياة العملية، وكان له الفضل في بروزي على الساحة الفنية من خلال مساعداته لي في إقامة المعارض، فكان هو الذي يُرسل طلبات إقامة المعارض، و يقوم بالإجراءات المناسبة، كما يتولّى نقل اللّوحات، رغم افتقارنا لوسيلة نقل خاصة، فكان يحملها و يستأجر وسائل النقل الخاصة لنقلها" ويضيف " إن زواجي في الآونة الأخيرة، كان بمثابة تحقيق حلم لطالما راودني، والزواج، كما تعلم، هو نصف الدين. و أنا الآن أشعر بارتياح كبير، خاصة مع زوجتي التي تعتني بي. أدعو الله أن يوفّقني في تدبير شؤون أسرتي، وحلمي هو أن أرى أبنائي الصغار يكبرون بين أحضاني".
ووسط كلّ هذه الظروف القاسية، عانى نور الدين من مشاكل صحية، أجرى إثرها عددا من العمليات الجراحية، عن هذه المعاناة يقول نور الدين " لقد عانيت من ألم في البطن سببه انتفاخ في الأمعاء، إلى درجة أنّني لم أستطع الرسم بسبب ذلك. و قد أُجريت لي عملية جراحية بنجاح، لكنّي بقيت أعاني من مشكل آخر في السمع و سيلان في أذنيّ، ممّا استدعى أيضا إجراء عملية جراحية أخرى.غير أنّ هذه الظروف لم تمنعني من ممارسة أعمالي الفنية، وأنا مصمّم على الاستمرار في مزاولة الرسم، هوايتي المفضّلة، ومصدر خبزي الوحيد".
| |
|
وداد مشرفة عامة
عدد المساهمات : 3919
اعلام الدول :
مزاج العضو :
| موضوع: رد: أفضّل كسب قوتي بأصابع رجلي على انتظار منحة المعاق الثلاثاء أكتوبر 18, 2011 5:55 pm | |
| ماشاء الله عليه
ياريت كل اللي امتحنهم الله يقتدوا به
شكرا ملاك
موضوع اكثر من رائع | |
|
MAD مدرب المتمردين
عدد المساهمات : 881
اعلام الدول :
مزاج العضو :
| موضوع: رد: أفضّل كسب قوتي بأصابع رجلي على انتظار منحة المعاق الخميس يناير 26, 2012 2:40 am | |
| شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
| |
|