عالم الكتابة عالم فريد .. يعتبر جسرا خرافيا يمتد بين الكاتب و القارئ ..
إنها فرصة ذهبية تمنحنا شرف عيش حياة مختلفة عن تلك التي نعيشها .
و من دنيا الحروف هذه انطلقت الشاعرة و القاصة جهاد الجزائري ,ولدت
و ترعرعت في مدينة المسيلة , تلك المدينة الجزائرية المحافظة الشغوفة
بالحرف و القلم و التي لازالت تنجب بفخر العديد من الشعراء و الأدباء .
ببادئ الأمر يطالنا الاستغراب حول اسمها المبهم الذي يفهم كأنه يمثل رجلا
و ليس أنثى و هنا بدأت رحلة تساؤلاتي مع الأديبة , و لكنني عندما طرحت
عليها أول سؤال .. رفضت الإجابة بأدب , طالبة مني البحث أكثر كأن
أطرق أحد أبواب الانترنت مثلا , و صمتها هذا لم يزدني سوى فضولا من أجل
اكتشافها أكثر , و بعد حوار حميمي دار بيني و بينها اكتشفت أن الاسم كنية
أطلقتها عليها صديقة قد فارقت الحياة , لها مكانة مميزة بقلب الأديبة , فقد
جمعت بينهما براءة طاهرة و أصدق الصداقات تلك صداقات الطفولة و هي التي
ينبغي أن تصنف ضمن صداقة مبنية على أساس حب في الله , لأنها مجردة
من المصالح أو أي نية مبيتة التي نخشى أن تصيبنا سهامها بمجرد التفاتة ظهر .
و لكن هذا الاسم الذي عادة يفهم أنه لرجل لا يمكنه أن يلغي أنوثتها التي تفوح
من كل حرف و من كل كلمة و من كل قصيدة , ما إن تقرأ للشاعرة حتى تشعر
بجاذبية أنثوية طاغية لا يمكنك مقاومتها , هي عرفت عن نفسها فقالت :
" أنا حرف يبحث عن كلمة تحتويه " و " كلمة تبحث عن مكانها بين جمل الكون "
, هي تكتب بروح الأنثى و تعيش من أجل قضية الأنثى و قد شجعت طموح المرأة
في أكثر من مناسبة . حتى أنها ذكرت في أحد الحوارات أن : " المرأة لم تكن
يوما نصف المجتمع , بل كله " , و تتجلى أفكار الشاعرة و مشاعرها بتلك القصائد
المبدعة التي تترجم فلسفة فكر الأديبة جهاد الجزائري . للشاعرة ديوان بعنوان
" من حكايا القلب و الوطن " و مجموعة من النصوص بعنوان "جنون " و قصائد
متفرقة من بينها " امرأة من مطر " , " حورية من السماء " ,
" هذا ما تبقى من رماد كرامتنا "
عالم الأحرف ليس العالم الوحيد الذي يحتضن الأديبة و لكن عالم الألوان أيضا
يأسرها فهي أستاذة فنون تشكيلية , يأسرها الرسم و تأسرها اللوحات و طلاسمها
و أمواج الألوان التي تتلاطم بين حدود لوحة ! عالمان مختلفان لكنهما يتقاطعان
بأكثر من نقطة , نقطة الإبداع و روح المبدع .
و بالنهاية تبقى جهاد الجزائري أنثى كتب لها القدر أن تولد مميزة , تعيش من أجل الحرف
و تحاول الاجتهاد من أجل الارتقاء به , و تمثل وجها شابا من وجوه الأدب الجزائري ,
لذلك نتمنى لها التوفيق برحلتها الأدبية و مغامرة الرواية .
بقلمي